الجنوب اليمني | خاص
في كل أقطار العالم العربي والإسلامي، دائماً ما تكون ليالي رمضان الفضيلة مكاناً روحانياً بارزاً، يتسامر الناس على موائد الإفطار ويتلألأ نور العبادة في المساجد، لكن في جنوب اليمن تعيش جميع محافظاته تحت وطأة الظلام، وأوضاعاً تزداد سوءاً عاماً بعد عام.
انقطاع التيار الكهربائي في مدن الجنوب بات أزمة مستمرة، تغذيها الأوضاع السياسية والاقتصادية المعقدة، في ظل غياب الحلول وازدياد العبث بالموارد والمقدرات، وكأن هذه المعاناة والأزمة المفتعلة قدر محتوم على كل أبناء الجنوب الحبيب.
جذور المشكلة وأبعادها
تشهد مناطق الجنوب انهياراً غير مسبوق في قطاع الخدمات، وعلى رأسها الكهرباء التي تحوّلت إلى كابوس يومي يعاني منه المواطنون خاصة في رمضان، حيث تزداد الحاجة إليها مع ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع المياه، ومع تعدد الأسباب التي تقف وراء هذه الأزمة، لكنها جميعاً تصب في سياق واحد، وهو الفشل الإداري والتواطؤ السياسي والفساد المستشري.
دور المجلس الانتقالي والتبعية الإماراتية
منذ أن سيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على مفاصل الحكم في الجنوب بدعم وتوجيه من دولة الإمارات، تفاقمت الأزمات، وازدادت معاناة المواطنين، فبدلاً من تحسين الخدمات أو وضع حد للفساد، باتت الأوضاع أكثر سوءاً، والهدف من ذلك هو تركيع الشعب وإيصاله إلى مرحلة اليأس والقبول بالأمر الواقع.
أما الإمارات التي تدير المشهد الجنوبي عبر أذرعها، لم تساهم في تطوير البنية التحتية للكهرباء، رغم امتلاكها الموارد والخبرات الكافية لذلك، بل على العكس تماماً، تتكرر الاتهامات بأنها تعمل على إبقاء الجنوب في حالة ضعف، من خلال السيطرة على الموانئ والجزر والثروات، بينما تترك المواطنين في مواجهة أزمات خانقة، من بينها الكهرباء.
استخدام المعاناة كورقة ضغط
بات واضحاً للجميع أن أزمة الكهرباء باتت أداة سياسية تستخدم للضغط على المواطنين، ودفعهم إلى الرضوخ للواقع المفروض عليهم، فكلما ازدادت الاحتجاجات والمطالب بتحسين الأوضاع، كان الرد بالمزيد من الإهمال والتجاهل، وكأن الهدف هو إيصال الناس إلى مرحلة القبول بأي حلول تفرض عليهم لاحقاً، حتى لو كانت على حساب مستقبلهم وحقوقهم.
المواطن هو الضحية
بينما ينعم قادة المجلس الانتقالي ومن يدعمهم برفاهية العيش في قصورهم المكيفة، يقضي المواطن البسيط لياليه في ظلام دامس، يعاني الحرّ والعطش، ويكافح من أجل لقمة عيشه، حتى تحوّل شهر رمضان الذي يفترض أن يكون شهر الروحانية والتلاحم، إلى موسم آخر من العذاب والانقطاع المستمر للكهرباء في ظل غياب أي أفق للحل.
إلى متى يستمر العبث؟
ما يحدث في مدن الجنوب من انقطاع للكهرباء ما هو إلا انعكاس لمشهد سياسي واقتصادي بائس، تتحكم فيه قوى لا ترى في المواطن سوى أداة لتحقيق مصالحها، وبينما تتوالى الوعود الكاذبة، تزداد معاناة الناس، ويظل السؤال معلقاً في الأفق.. إلى متى سيستمر هذا العبث؟ ومن سيضع حداً لهذه المأساة المتجددة؟