من الجوع إلى الإفلاس..أدوات الرياض وأبوظبي تدفع عدن إلى الهاوية.. قراءة خاصة لـ “الجنوب اليمني”

12 يوليو 2025آخر تحديث :
من الجوع إلى الإفلاس..أدوات الرياض وأبوظبي تدفع عدن إلى الهاوية.. قراءة خاصة لـ “الجنوب اليمني”

الجنوب اليمني | خاص

تشهد مدينة عدن العاصمة المؤقتة لليمن انهيارًا اقتصاديًا متسارعًا ينذر بكارثة معيشية غير مسبوقة، وسط صمت وتجاهل من الجهات المسيطرة على الأرض، وهي القوى المحلية المدعومة من السعودية والإمارات.

وتُعدّ الأزمة المالية الراهنة واحدة من نتائج السياسات الاقتصادية العشوائية وغير الوطنية التي تُدار بها المدينة من قبل هذه القوى.

فقد تهاوى سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية بشكل مخيف، ليصل صباح اليوم السبت إلى 2834 ريالًا للدولار و745 ريالًا للريال السعودي في محلات الصرافة، ما أدى إلى موجة غلاء غير مسبوقة في أسعار السلع الأساسية، وفاقم من معاناة المواطنين، الذين باتوا عاجزين عن تأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم اليومية.

تحويل الإيجارات للعملة السعودية تجويع ممنهج؟
في مشهد يعكس حجم التدهور، لجأ معظم ملاك العقارات إلى فرض الإيجارات بالريال السعودي، في خطوة قُرئت على نطاق واسع باعتبارها إجراءً قسريًا ومجحفًا ضد المستأجرين، الذين يتقاضون دخولهم بالعملة المحلية المنهارة.
هذه السياسة غير المدروسة أدت إلى موجة واسعة من إغلاق المحلات التجارية وهجرها من قبل أصحابها، نتيجة عدم القدرة على مجاراة الأعباء المالية الجديدة.

ويقول أحد التجار في كريتر لـ “الجنوب اليمني” طلب عدم ذكر اسمه: “نُجبر على دفع الإيجار بعملة لا نتعامل بها في البيع اليومي، في حين أن دخلنا لا يكفي حتى لشراء الغذاء، ناهيك عن تغطية إيجار المحل أو رواتب العمال.”

أسواق مكتظة وبطون خاوية
في مفارقة مؤلمة، تملأ الخضروات والفواكه والأسماك أسواق عدن، لكن الزبائن نادرون .. عزوف المواطنين عن الشراء لا يعود لوفرة السلع، بل لانعدام القدرة الشرائية.. حتى الدجاج، الذي كان غذاءً يوميًا للكثيرين، أصبح رفاهية لا تُتناول إلا في المناسبات.

المسؤولية: سياسات غير وطنية وتبعية خارجية
ويرى مراقبون أن هذا الانهيار المتسارع ليس ناتجًا فقط عن الحرب والصراع، بل نتيجة سياسات اقتصادية خاطئة تنتهجها القوى المدعومة من السعودية والإمارات، التي تدير عدن كمحمية خاضعة لتوجهاتها، بعيدًا عن الاعتبارات السيادية والمصلحة الوطنية.

ففي حين تستحوذ الإمارات على موانئ ومرافق حيوية، وتفرض مليشيات موالية لها سيطرتها على الأرض، تمارس السعودية نفوذًا نقديًا ومصرفيًا يكرّس الاعتماد على عملتها.. وبدلًا من تقديم حلول اقتصادية حقيقية، فإن هذه الدول تعزز من نفوذ أدواتها المحلية وتكرّس الفساد والتهميش والإقصاء.

عدن مدينة بلا سيادة
تعيش عدن اليوم خارج إطار الدولة اليمنية، وتخضع لسلطة متنافرة، لا تملك مشروعًا اقتصاديًا ولا رؤية إنقاذية.. فالفساد مستشري، والخدمات متدهورة، والأمن هش، والاقتصاد في سقوط حر ، والنتيجة: مدينة شبه مشلولة، تعاني من البطالة، وغلاء المعيشة، وانعدام الأمل.

ما يجري في عدن ليس فقط أزمة اقتصادية، بل مؤشر لانهيار الدولة بمفهومها السيادي..
فالموانئ تُدار إماراتيًا، والمطارات خاضعة لإجراءات سعودية، والبنك المركزي يعمل بأوامر دولية، والسلطات الأمنية تتبع ولاءات متعددة..
لم تعد المدينة عاصمة مؤقتة لليمن كما يُفترض، بل باتت مدينة بلا مرجعية، تُدار كما تُدار المستعمرات القديمة من خلف الأسوار، ومن قبل الغرباء.

وسط كل هذه المعادلات، يبقى المواطن في عدن هو الحلقة الأضعف.. العائلات تفقد مصادر رزقها، التجار يغلقون محالهم، الطبقة الوسطى تنهار، والفقراء يزدادون فقرًا.. وقد تحوّلت القدرة الشرائية إلى ذكرى، فيما تُرك الناس يواجهون الجوع والغلاء والعجز دون أي حماية اجتماعية أو خطط إنقاذ.

عدن، التي كانت ذات يوم حاضرة اقتصادية وثقافية للمنطقة، تُختزل اليوم إلى ساحة نفوذ لقوى أجنبية، وأداة لتصفية الحسابات الإقليمية، على حساب أهلها ومستقبلها ، ومع استمرار غياب الدولة وتفكك المؤسسات، تتجه المدينة نحو سيناريو كارثي: مزيد من الانهيار، مزيد من الجوع، ومزيد من الفوضى.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق