نهب مستمر من أودية الذهب بحضرموت..معلومات تكشف لأول مرة

11 أكتوبر 2024آخر تحديث :
نهب مستمر من أودية الذهب بحضرموت..معلومات تكشف لأول مرة

الجنوب اليمني | خاص

يعود ارتباط اسم حضرموت بإنتاج الذهب إلى عام 1976م، حيث منحت حكومة اليمن الديمقراطية الشعبية آنذاك حق الأمتياز للتنقيب عن الذهب لشركة تابعة للاتحاد السوفيتي.

وبدأت الشركة السوفيتية أولى عمليات التنقيب في وادي مُدن الواقع على بعد 110 كيلو متر إلى الشمال الغربي من مدينة المكلا.

ثروة ضخمة

يمتلك وادي مدن وحده احتياطي قدر بأكثر من 6 ملايين أوقية من الذهب وفق تقديرات خبراء الجيولوجيا وتقارير دولية ودراسات كشفية، ويوجد في حضرموت عدة أودية غنية بالذهب معظمها يقع غرب مدينة المكلا.

وأشارت بعض البحوث والدراسات الصادرة عن هيئة المساحة الجيولوجية، أن خامات الذهب في وادي مدن توجد في صخور الأساس النارية الصلبة، كما توجد خامات الذهب في تركيبات الصخور البركانية والرسوبية والمتحولة، وخصوصا في الصخور الجرانيتية المتداخلة.

وادي مدن الغني بالذهب ويقع غرب المكلا

ووفقا لتقارير محلية فإن عدد مناجم الذهب التي حفرها الخبراء السوفيت في طبقات الصخور بحضرموت بلغت نحو 21 منجما، منها 10 مناجم منتجة لخام الذهب بكميات مختلفة استمر الإنتاج فيها حتى فترة حكم الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح.

ومن بين تلك المناجم التي تم حفرها سابقا مناجم في وادي المسيني، ومناجم أخرى في وادي المحمديين، إضافة إلى مناجم وادي مدن ومناجم في منطقة حجر.

مصادر خاصة كشفت لنا عن كميات الذهب التي كانت تنتج خلال فترة حكم صالح، إذ قدرت بأكثر من 70 طنا من الذهب سنويا من مختلف مناجم حضرموت.

وأوضحت المصادر أن الأقارم الحقيقية لكميات الذهب المستخرج من حضرموت كانت غامضة ولم يطلع عليها أحد بسبب السرية التي كانت تفرض على ملف إنتاج وتصدير الذهب لما يمثله من حساسية بالغة الخطورة، خشية إثارة الرأي العام في حضرموت الذي كان يعاني من الفقر والبطالة رغم ما تكتنزه أرضه من ثروات ضخمة.

استنزاف الثروة

في 2003م وقعت الحكومة اليمنية اتفاقية مع الشركة الإماراتية ” ثاني دبي للتعدين” لاستخراج الذهب من حضرموت ومنحت الشركة موقع في وادي مدن.

ثم قامت الشركة بتوقيع اتفاقية شراكة مع شركة “أنغلو غولد أشانتي” العاملة في أفريقيا والشرق الأوسط للتعاون في استخراج الذهب مقابل تساوي الحصص بين الشركتين.

ويشمل الاتفاق مشاركة أنغلو لشركة ثاني دبي للتعدين في استخراج الذهب من وادي مدن كما قال “ألان فاين” المتحدث باسم شركة أنغلو غولد.

مصادر خاصة قالت بأن هناك ارتباط وثيق بين الشركتين وأسرة صالح اللي كانت تستخدم أسماء شركات عربية ودولية لنهب ذهب حضرموت.

ونفذت الشركتان أعمال مسح ودراسة ميدانية استكشافية عن الذهب في حضرموت توجت في عام 2011م بالإعلان عن اكتشاف كميات ضخمة من الذهب في وادي مدن، قدرت كمية خام الذهب المستكشف بنحو ستة ملايين و798 طناً، بنسبة تركيز 1.34 غرام ذهب لكل طن.

وبعد الأحداث التي جرت في 2011م غادرت شركة ثاني دبي للتعدين حضرموت بعد إلغاء العقد معها، لكن مصادر أكدت أن الشركة عاودت العمل في 2017م في وادي مدن لتصدير الذهب بشكل سري.

ووثقت إحصائيات رسمية للهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية اليمنية أن احتياطي اليمن من الذهب يبلغ نحو 31.6 مليون طن، معظمه بمحافظة حضرموت ومحافظة حجة.

رشاوي لنهب الثروة

كشف مصدر خاص في الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية فضل عدم الكشف عن اسمه ” للجنوب اليمني” معلومات سرية تنشر لأول مرة عن تلقي مسؤولين في الهيئة رشاوي مقابل التنقيب عن الذهب.

وقال المصدر أن شركة ” جلف كير للتعدين” كويتية الجنسية أعطت مدير الهيئة 30 ألف دولار مقابل حصولها على معلومات تتعلق بأماكن الذهب وحجمه وكمياته وهي معلومات كلفت الحكومة ملايين الدولارات، رغم عدم دراية واختصاص الشركة بالتنقيب عن المعادن.

وفي منتصف نوفمبر الماضي وقعت هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية فرع حضرموت على عقد ترخيص استكشاف رقم (2023/1) مع شركة “جلف كير” للتجارة والمقاولات، للعمل الاستكشافي في مجال المعادن الفلزية بمساحة 290 كم مربع بمنطقة “وادي مدن بمديرية بروم ميفع”.

مدير الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والمدير التنفيذي لشركة جلف كير خلال توقيع العقد

فريق الجنوب اليمني تحرى عن الشركة في موقع دليل الشركات الكويتي، ووجد أن “جلف كير” عبارة عن مكتب للتجارة العامة والمقاولات وليست شركة متخصصة في التعدين.

وتأسست جلف كير نهاية عام 2017، ويتمثل نشاطها بالاتجار في جميع المعدات والمستلزمات والأدوات الطبية ولوازمها، ومستلزمات لذوي الاحتياجات الخاصة، ولا علاقة لها بأعمال التعدين وخدمات النفط المحدودة.

وأوضح المصدر الخاص في الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية أن مدير الهيئة ومدير مكتبه حصلوا على رشاوي بالريال السعودي قدمت لهم من قبل أحد المقاولين مقابل السماح له بالتنقيب عن الذهب في أودية حضرموت رغم عدم اختصاصه.

وأشار إلى أن الهيئة قدمت لشركة صينية عقود استكشاف من أجل استغلال واستخراج الموارد المعدنية والمتاجرة بها، مقابل حصول مسؤولي الهيئة على مبالغ مالية لم يحددها المصدر.

وأضاف” حصل مقاول من خارج حضرموت على تصريح للعمل في مجال استكشاف الذهب و ليس استخراج، بينما يقوم الآن باستخراجه بطرق عشوائية وليست تخصصية، وينقل خام الذهب إلى شبوة وأبين لمعالجته بالطرق التقليدية ويتم استخراج الذهب بدون دفع أي رسوم أو إتاوات خاصةبالدولة”.

وينص قانون المناجم والمحاجر اليمني رقم 22 لسنة 2010م على أن الذهب ثروة سيادية لا يجوز للفرع أو المركز التصرف فيه، وللحصول على عقد عمل لاستخراج الذهب يشترط القانون مصادقة مجلس النواب، بعد الرفع من قبل وزير النفط و المعادن، وبعد التوقيع المبدئي بين الوزير والشركة التي ترغب بالعمل في مجال التنقيب عن الذهب.

ولفت المصدر الخاص في الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية إلى استمرار نهب الذهب من قبل شركات ومقاولين بكميات كبيرة رغم عدم اختصاصهم بمجال التنقيب وهو ما يخالف المادة القانونية رقم 58 التي تنص على أن جميع الموارد المعدنية ملكا للدولة.

وفي 8 أكتوبر 2024م، احتجزت نقاط عسكرية تابعة لحلف قبائل حضرموت غرب المكلا 4 شاحنات على متنها أطنان من الذهب الخام الذي كان في طريقه إلى عدن للمعالجة والتصفية.

هذه الحادثة أعادت قضية سرقة ذهب حضرموت للواجهة من جديد، حيث تساءل المواطنون عن كميات الذهب الخام التي تنهب بشكل يومي من أودية حضرموت المختلفة، وسبب صمت السلطات في المحافظة عن نهب الثروة، ودور الإمارات في سرقة الذهب منذ سيطرتها على سواحل حضرموت في 24 أبريل 2016م بعد خروج عناصر القاعدة.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق