الجنوب اليمني | خاص
شهدت جزيرة سقطرى اليمنية خلال السنوات القليلة الماضية تناميًا لافتًا في تنظيم رحلات سياحية من جنسيات متعددة ، تقوم بها شركات سياحية تنتمي في غالبيتها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ، في حين تُعلن بعض الشركات الأخرى أن مقراتها في ماليزيا ، إلا أن القاسم المشترك بين هذه الرحلات يتمثل في كونها جميعًا تتم حصريًا عبر شركة طيران إماراتية تنطلق من أبو ظبي وتعرف باسم “العربية للطيران”، وهو ما يعزز الشكوك بشأن دور إماراتي مركزي في إدارة هذا النشاط بعيدًا عن رقابة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
ولا تتوافر حتى اللحظة أي إحصائيات دقيقة أو بيانات رسمية حول عدد الزوار الأجانب الذين يتوافدون إلى الجزيرة ضمن تلك الرحلات ، بينما تشير تقارير محلية إلى أن أغلب البرامج السياحية تمتد لسبعة أيام وثمان ليالٍ وتتضمن أنشطة تشمل إقامة مخيمات على الشواطئ في أماكن طبيعية حساسة دون أي تهيئة مسبقة وهو ما يعتبر تهديدًا مباشرًا للمخزون البيئي الفريد الذي تتمتع به الجزيرة ، ويعرتض التوازن الطبيعي فيها للتدهور.
ورغم التزايد الملحوظ في أعداد الرحلات السياحية الأجنبية إلى سقطرى ما تزال هذه الظاهرة محل جدل واسع في الأوساط اليمنية لا سيما في ظل غياب أي موقف رسمي واضح من الحكومة اليمنية بشأن الرقابة على تلك الرحلات أو الآلية التي يُسمح بها بدخول أفواج السياح ، ويطرح هذا الإقبال السياحي المنظم من خارج مؤسسات الدولة ضغوطًا متنامية على بيئة سقطرى الهشة التي لطالما مثّلت نموذجًا فريدًا للتنوع البيولوجي الطبيعي في المنطقة.
وتعمد الشركات التي تنظم هذه الرحلات ، ومعظمها إماراتية ، إلى تسويق برامجها على أنها جولات سياحية فاخرة تُصنف ضمن ما يُعرف بـ”السياحة البيئية”، غير أنها بحسب متابعين ، لا تلتزم بالمضامين الجوهرية لاتفاقية إدراج سقطرى ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو ، وهي الاتفاقية التي تلزم بالحفاظ على النظم البيئية ومنع أي نشاط يهدد التنوع البيولوجي للجزيرة.
وفي هذا السياق ، أفاد تقرير حديث اوردته منصة “ريف اليمن”، أن بعض السيّاح الذين يصلون إلى الجزيرة ضمن هذه الرحلات، يقومون بإشعال النيران تحت أشجار “دم الأخوين” النادرة ، كما ينقشون كتابات على سيقان الأشجار ويتركون وراءهم نفايات تُلقى بشكل عشوائي وهو ما يسهم في الإضرار بالمشهد الطبيعي الفريد ، وأضاف الجمحي أن سلوك بعض السياح يتسبب في إزعاج الحياة البرية خاصة الطيور ، وذلك من خلال استخدام الطائرات المسيرة دون مراعاة للتوازن البيئي الدقيق في سقطرى.
وحذر التقرير من المخالفات البشرية المتزايدة التي تهدد البيئة الطبيعية للجزيرة ، وقال إن بعض الأنواع المهددة بالانقراض يتم قتلها فقط من أجل التقاط صور “سيلفي”، مشيرًا على وجه التحديد إلى الحرباء التي يتم اصطيادها لالتقاط صور تذكارية مع السيّاح، في سلوك يُعد تهديدًا مباشرًا للأصناف النادرة التي تنفرد بها الجزيرة.
ويثير هذا الواقع تساؤلات مشروعة حول طبيعة الدور الذي تلعبه الإمارات من خلال هذه الرحلات ومدى تأثيرها على السيادة اليمنية والبيئة المحلية خاصة في ظل غياب واضح لأي إطار رقابي من قبل السلطات اليمنية على ما يجري داخل الجزيرة
ويبدو أن النشاط السياحي في سقطرى كما يتم تنظيمه حاليًا ، يتجاوز كونه مجرد حركة سياحية تقليدية ليتحول إلى ملف شائك تتداخل فيه الأبعاد البيئية بالسياسية مع حضور إماراتي لافت يتم خارج إطار الدولة اليمنية.