تقرير: مواطن صبيحي يروي قصة معاناته مع مليشيا الحالمي بـعدن

13 نوفمبر 2024آخر تحديث :
تقرير: مواطن صبيحي يروي قصة معاناته مع مليشيا الحالمي بـعدن

الجنوب اليمني | خاص

 

في قلب مدينة عدن، حيث تختلط أشعة الشمس بماء البحر، وحيث تتداخل أصوات المركبات مع هتافات المدنيين، ينهض المواطن أحمد سعيد علي مقبل الصبيحي كل صباح، يجول شوارع المدينة بمركبته المتواضعة (دباب)، رافعاً صوت المذياع الذي يختلط مع صوته، حيث كان يعمل كسائق دباب أجرة، يكدح فيه أملاً في توفير لقمة العيش لأسرته وأطفاله الخمسة، وفي أحد الأيام المشؤومة وتحديداً في منتصف أكتوبر المنصرم، بينما كان يسير بمركبته في شوارع مدينة عدن، اعترضته مليشيا كمال الحالمي في العاصمة المؤقتة عدن، وقامت باعتقاله، وحجز دبابه، ومصادرة بضاعة بقيمة 900 ألف ريال يمني، كانت عبارة عن حديد “أعتاب نوافذ”، تعود لزبون من منطقة الحسوة.

المواطن أحمد الصبيحي يقود مركبته كل يوم “دباب أجرة “مسخراً إياها للمشاوير الداخلية المتمثلة في نقل البضائع ومواد البناء والسلع الأساسية للتجار في منطقة الشيخ عثمان، وعند مساء كل يوم يعود إلى منزله المتواضع حاملاً معه متطلبات أطفاله بما فيها الحليب.

أثناء روتينه المعروف، اعترضته مليشيا الحالمي، وقالت له سنصادر البضاعة إن لم تدفع غرامة قدرها 200 ألف ريال يمني لكونك لا تملك تصريحاً “يقول الصبيحي مضيفاً قلت لهم “خافوا الله ..تصادروا بضاعة الزبون، وتطلبوا مني دفع هذه الغرامة، وسألهم من أين آتي لكم بهذا المبلغ؟!.
حاول الصبيحي استعطاف مليشيا الحالمي وتذكيرهم بأوضاعه المعيشية الصعبة والتي من أبرز مؤشراتها المأساوية مرور أعياد الاضحى أسرته دون قدرته على شراء متطلبات العيد من ملابس وأضحية.

ظل الصبيحي معتقل لدى مليشيا الحالمي، وأثناء ذلك ترجاهم بالإفراج عنه لكن دون جدوى كما أخبرهم بحال أطفاله الذين سيبيتون لياليهم دون حليب، وكذلك بأوضاعه الصحية المتدهورة، ومعاناته خصوصاً من ارتفاع ضغط الدم، وحاجته للعلاج بشكل مستمر.
أعطت عناصر الحالمي للصبيحي جواله ليتصل بصاحب البقالة المجاورة، وطلب منه أن يوفر حليب لأطفاله، ويحضر له الأدوية الخاصة به إلى السجن.

وفي اليوم التالي حضر جار الصبيحي إلى السجن وقام بمتابعة الإجراءات لإطلاق سراحه، وأخبرهم بأن الصبيحي رجل فقير وشاقي على أطفال صغار، كما أن بعض أفراد أسرته لقوا حتفهم في العام بلحج جراء غارة خاطئة لطيران التحالف السعودي الإماراتي.

 

في 17 اكتوبر 2024 تم الإفراج عن الصبيحي، لكن الدباب الذي يملكه ظل منذ تاريخ سجن الرجل وحتى اليوم مصادر ومحتجز، وبداخله بضاعة الزبون المتمثلة في أعتاب النوافذ.
يقول الصبيحي لـ “الجنوب اليمني” لولا تدخل جاري لمكثت في السجن حتى اليوم، لأنهم (يشير لمليشيا الحالمي) ظلمة لا يخافون الله، مضيفاً :”وجدت بالسجن عمالاً تتراوح فترة سجنهم بين أسبوع وأكثر، وأتوقع بأنهم ما زالوا رهن الاعتقال حتى اللحظة، لعدم قدرتهم على دفع الغرامات وقيمة التراخيص -جبايات غير قانونية- لمليشيا الحالمي.

في المقابل عرض صاحب البضاعة على مليشيا الحالمي مبلغ 300 ألف مقابل إطلاق سراح بضاعته ودباب الصبيحي، لكن مليشيا الحالمي رفضت الإفراج عن البضاعة، وصادروها بشكل نهائي.
يقول الصبيحي لـ “الجنوب اليمني” أنا مواطن فقير، ولو كنت ميسوراً لوقف معي الجميع بما فيهم وسائل الإعلام، ولتحولت موضوع قصف منزلي في العام 2016 واحتجاز باصي في منتصف أكتوبر الماضي إلى قضية رأي عام.

وأسفر القصف الخاطئ من قبل طيران التحالف على منزل الصبيحي في العام 2016 إلى مصرع أسرتين، ويوضح الصبيحي لـ “الجنوب اليمني” لم يتبق من بين الأسرتين سوى “طفلة” عمرها 8 أشهر، فيما لقيت أسرتي وأسرة صهيري جميل هواش حتفيهما.

وتفرض مليشيا الحالمي مبالغ باهضة مقابل تراخيص نقل مواد البناء كالقواعد والعمدان الحديد والسقف والبردين، كما تجبر المواطنين في المديرية على دفع رسوم تراخيص.
حتى أعتاب النوافذ التي لم يكن عليها تصاريح من قبل، ألزمتنا مليشيا الحالمي مؤخراً باستخراج تصاريح وسبق أن تقدمت لاستخراج تصريح أعتاب نوافذ، لكنهم أخبرونا بأن ذلك ليس مطلوباً.

يقول الصبيحي لـ “الجنوب اليمني” واصلت المتابعة من أجل الافراج عن الدباب حقي، وأخبرت مدير مكتب القائد بأن أعتاب النوافذ لا يوجد عليها تصاريح، وقال لي: تعال بكرة، وسأنزل حملة على الورش لمنع بيع الأعتاب إلا بتصريح، وتعال استلم دبابك.
ويضيف الصبيحي: “زرت القائد الحالمي في اليوم التالي حسب الموعد، وتفاجأت بأن ملفي عليه غرامة 200 ألف ريال، وتساءل ما هذا الظلم؟!.
وتابع حديثه: “الحركة التجارية والأرزاق في عدن قدها ميتة، والحالمي خلص عليها نهائياً”؛ ليردف بعدها قائلاً: ” عشر سنوات مضت.. ماذا عملوا لنا، الكهرباء طافي من الساعة 9 والنصف صباحاً إلى ما بعد صلاة العشاء بساعة.

المواطن الصبيحي واحد من مئات الكادحين على أسرهم في العاصمة عدن، الذين أقصوا من أبسط حقوق حرياتهم المتمثلة في أهم مقومات حياتهم بالسعي الدؤوب وراء الرزق الحلال غدوة ورواحا، لكن مليشيا الحالمي فرضت بدعة قاسية، وأثقلت كاهل البسطاء بغرامات مالية هائلة، أو تجريدهم من حريتهم والزج بهم في سجونها الممتلئة بعشرات العمال الكادحين.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق