الجنوب اليمني | وكالات
بشكل مفاجئ تمكنت شركة “DeepSeek” الصينية الناشئة (تأسست في 2023) من إحداث عاصفة قوية في قطاع التكنولوجيا العالمي بعد طرح نموذج ذكاء اصطناعي جديد يُعرف بـDeepSeek R1 في يناير الجاري، وهو نموذج يمتاز بكفاءة عالية وتكلفة منخفضة، وأصبح منافساً لنماذج الذكاء الاصطناعي مثل GPT-4 من OpenAI وGemini من غوغل.
وتأسست DeepSeek على يد رجل الأعمال الصيني “ليانج وينفينج”، مدير صندوق التحوط High-Flyer، بغرض تطوير حلول ذكاء اصطناعي عالية الأداء ومنخفضة التكلفة، وتُعتبر نماذج الشركة “مفتوحة المصدر”، ما يتيح للمطورين حول العالم فحص التكنولوجيا وتطويرها وفقال لوكالة بلومبيرغ.
ولأن التطبيق يمتاز بأنه “مفتوح المصدر”، يمكن للشركات الأخرى استخدامه وتطويره، وقد أدى هذا الانفتاح إلى تحقيق انتشار واسع للتطبيق المرتبط به.
ضجة كبيرة أحدثها التطبيق الجديد DeepSeek R1، بعد تصدره قائمة التطبيقات الأكثر تنزيلاً في متاجر التطبيقات بأكثر من 1.6 مليون تنزيل، ليتجاوز تطبيقات شهيرة مثل ChatGPT. وحدثت هذه الصدمة رغم أن النموذج الصيني الجديد كلَّف 5.6 ملايين دولار فقط، وهو مبلغ قليل للغاية مقارنة بمليارات الدولارات التي تنفقها الشركات الأمريكية مثل OpenAI وMeta وGoogle.
تداعيات الصدمة: شركة واحدة تخسر 600 مليار دولار
تسبب الذكاء الصيني في خسارة عملاق التكنولوجيا الأمريكي “إنفيديا” (Nvidia) قرابة 600 مليار دولار، حيث انخفضت أسهم الشركة بنسبة 17% عند الإغلاق أمس، لتتكبد أسوأ خسارة يومية منذ مارس 2020، عندما انهارت الأسهم لفترة وجيزة في بداية الجائحة.
وفقدت Nvidia نحو 589 مليار دولار من قيمتها السوقية دفعة واحدة، وهو أكبر انخفاض في القيمة في يوم واحد لأي شركة في التاريخ.
وتُعد هذه الخسارة أكثر من ضعف القيمة السوقية البالغة 279 مليار دولار التي خسرتها شركة Nvidia في سبتمبر 2024. وقد أدى هذا التهاوي إلى إزاحة شركة “إنفيديا” عن موقعها باعتبارها الشركة الأكثر قيمة في العالم، وتراجعت قيمتها الكلية من 3.5 تريليون دولار إلى 2.9 تريليون دولار أي أقل من قيمة شركتي أبل ومايكروسوفت.
شركة إنفيديا أقرَّت بأنّ نموذج DeepSeek “تقدُّم ممتاز في مجال الذكاء الاصطناعي” و”يتوافق تماماً مع ضوابط التصدير”، بينما لا يزال يتطلب أعداداً كبيرة من وحدات معالجة الرسومات (GPUs) الخاصة بشركة إنفيديا.
وتراجعت ثروة رئيس شركة إنفيديا جينسن هوانج، بمقدار 21 مليار دولار، من 124.4 مليار دولار إلى 103.1 مليار دولار، حسب تقديرات جمعها بقش من فوربس. ويشار إلى أن “إنفيديا” تستحوذ على أكثر من 70% من مبيعات رقائق الذكاء الاصطناعي.
خسائر جسيمة للأثرياء
إضافة إلى خسائر رئيس شركة إنفيديا، خسر لاري إليسون المؤسس المشارك لشركة “أوراكل غروب” 22.6 مليار دولار، أي 12% من ثروته، وخسر مايكل ديل مؤسس شركة “ديل” 13 مليار دولار من ثروته.
كما خسر تشانغ بينغ تشاو، المؤسس المشارك لشركة “بينانس” 12.1 مليار دولار، وفقدت شركات التكنولوجيا الكبرى مجتمعةً نحو 94 مليار دولار.
وتستمر خسائر الأثرياء المليارديرات الذين ترتبط ثرواتهم بسلسلة توريد الذكاء الاصطناعي الغربية التي كانت المحرك الأكبر لسوق الأسهم على مدى العامين الماضيين. وتتواصل خسائرهم مع زيادة عدد المستخدمين الجدد للتطبيق الصيني، لدرجة أن شركة “ديب سيك” تكافح للحفاظ على تطبيقها عبر الإنترنت وتعاني من انقطاع الخدمة، وقد اضطرت لتقييد تسجيل المستخدمين من #الصين.
شركة “أبل” في مأمن
ولعل الثورة الصينية للشركة طالت كل شركات التكنولوجيا باستثناء شركة “أبل” المصنعة لآيفون. ويوضح موقع “9To5Mac” المعني بأخبار شركة أبل كيف تستفيد الشركة من نجاح التطبيق الصيني الكبير.
فشركة أبل التي ظلت لسنوات في منافسة محتدمة مع شركات أخرى على لقب “الشركة الأعلى قيمةً في العالم”، تمت إزاحتها مؤخراً بسبب شركة “إنفيديا” بسبب زيادة الطلب على رقائقها من أجل صناعة الذكاء الاصطناعي.
لكن الصدمة الكبيرة التي أحدثها تطبيق شركة “ديب سيك” الصينية في سوق الأسهم الأمريكية تسبب في خفض أسهم الشركات، باستثناء أسهم “أبل” التي زادت قيمتها وأصبحت الشركة الأكثر قيمة في العالم، رغم أنها تستثمر هي الأخرى في الذكاء الاصطناعي.
ولعل تطبيق “DeepSeek” أصبح الأكثر شعبية عبر متجر تطبيقات “App Store” لشركة أبل، حيث احتل التطبيق المركز الأول في قائمة التطبيقات الأكثر تنزيلاً في المتجر.
وفي بداية هذا العام جرت توقعات بأن شركة أبل قد تصبح أول شركة في العالم تصل إلى قيمة سوقية تبلغ 4 تريليونات دولار، وقد ارتفعت أسهمها بنحو 40% في 2024، وبلغت قيمتها 3.92 تريليونات دولار قبل نهاية العام الماضي.