الجنوب اليمني | خاص
بعد سنوات من الصمود والعزيمة، غادرت بدرة يوسف، إحدى آخر النساء اليهوديات المتبقيات في اليمن، البلاد قبل عدة أيام، منهية بذلك فصلاً طويلاً من تاريخ الوجود اليهودي في هذا البلد العربي العريق.
يأتي هذا التطور ليُسدل الستار على حقبة عانت فيها الجالية اليهودية تضييقاً متزايداً، لتصبح بدرة يوسف رمزاً للمثابرة في وجه التحديات.
وأفاد موقع “إسرائيل ناشيونال نيوز”، نقلاً عن مصادر محلية، أن مغادرة بدرة يوسف جاءت بعد فترة عصيبة شهدت فيها وفاة زوجها، السيد يحيى يوسف، الذي تجاوز المائة عام عند وفاته، وظل متمسكاً بوطنه حتى الرمق الأخير.
وكانت بدرة يوسف تعيش حتى وقت قريب في مديرية أرحب شمال العاصمة صنعاء مع زوجها، الذي عُرف بموقفه الثابت الرافض لمغادرة اليمن، مفضلاً البقاء فيه مع زوجته رغم كافة الصعوبات.
وقد توفي زوجها قبل عام، وحظي بدفن لائق بمساعدة جيرانه المسلمين، ويهودي قدم خصيصاً من مدينة ريدة اليمنية لتولي تجهيز الجثمان وفقاً للشريعة اليهودية، في لمسة تعكس التعايش التاريخي الذي ساد بين أبناء الوطن الواحد.
وبحسب مصادر يمنية، فإن السيدة بدرة، وبعد وفاة زوجها ومعاناتها من أمراض متعددة، رضخت أخيراً لضغوط أسرتها المقيمة في الخارج، التي سعت جاهدة لإخراجها من اليمن لتوفير الرعاية اللازمة لها في ظروف أكثر استقراراً.
وفي تعليق مؤثر، كتب الصحفي اليمني علي إبراهيم المشكي على صفحته في فيسبوك: “العمة بدرة وزوجها يحيى يوسف كانا من يهود اليمن الذين أحبوا الوطن وعاشوا فيه في السراء والضراء.”
هذا التعليق يجسد حجم العلاقة التي ربطت اليهود اليمنيين بوطنهم، ومدى تمسكهم به على الرغم من التحديات المتزايدة التي واجهتهم، خاصةً بعد تصاعد الصراع المسلح في البلاد.
إن رحيل بدرة يوسف يمثل لحظة تاريخية فارقة، ويؤكد على أن الوجود اليهودي في اليمن، والذي يعود إلى آلاف السنين، قد وصل إلى مراحله الأخيرة.
هذه المغادرة لا تعد مجرد قصة فردية، بل هي شهادة على التغيرات الجيوسياسية والاجتماعية التي طالت المنطقة، والتي أثرت بشكل عميق على مصير الأقليات، لتُختتم بذلك صفحة من صفحات تاريخ اليمن المتنوع والغني.