الجنوب اليمني | متابعات خاصة
قبل منتصف ليل يوم الاثنين، جمع مسؤولون قطريون مجموعة من الصحفيين في غرفة اجتماعات أرجوانية للاحتجاج على وابل من الصواريخ أطلقته إيران واستهدف قاعدة عسكرية أميركية كبيرة في صحراء خارج العاصمة القطرية الدوحة.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، أن بلاده تحتفظ بحق الرد على الهجوم الذي وقع قبل ساعات فقط، ودعا في الوقت نفسه إلى تهدئة الحرب الجديدة بين إسرائيل وإيران والدخول في مفاوضات لوقف إطلاق النار.
لكن يبدو أن قطر كانت قد بدأت بالفعل في الوساطة للتوصل إلى هدنة، من خلال تحركات هادئة خلف الكواليس مع حلفاء إسرائيل الأميركيين ومع الحكومة الإيرانية.
وتقول سانام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس: “ما حدث يُظهر أن قطر يمكنها أن تتلقى الضربة لكنها تبقى براغماتية”.
كانت ايران قد ردت بهجوم على قاعدة العُديد الجوية في قطر بعد أن تدخلت الولايات المتحدة لصالح إسرائيل وقصفت منشآت نووية إيرانية صباح الأحد، ووفقًا للواء الركن شايق مسفر الهاجري، نائب رئيس أركان العمليات المشتركة في الجيش القطري، فإن قطر كانت على علم مسبق بأن الهجوم كان مخططًا له، وقد تم اعتراض معظم الصواريخ التي أُطلقت على القاعدة.
واستدعت وزارة الخارجية القطرية الثلاثاء السفير الإيراني في الدوحة لكنها لم تعلن عن أي إجراءات عقابية ضد إيران.
ويقول نيكولاس هوبتون، السفير البريطاني السابق في قطر (2013-2015)، إن التحول السريع في موقف الحكومة القطرية، من الدفاع عن حقها في الرد إلى لعب دور الوسيط، يشير إلى وجود نوع من “التنسيق المدروس”.
وكانت قطر ودول الخليج قد انتابهم القلق خلال الأسبوعين الماضيين من أن يؤدي التصعيد إلى استهداف إيران لموارد الطاقة الاستراتيجية لديهم، مما يهدد مصدر دخلهم الأساسي.
وإذا كانت إيران مصممة على استهداف الجنود الأميركيين في الخليج، فقد تكون قد رأت أن قاعدة في قطر تمثل خيارًا أقل استفزازًا ولا يضر كثيرًا بعلاقاتها مع بعض دول الخليج الأخرى التي شهدت تحسنًا في علاقاتها مع طهران في السنوات الأخيرة.
وقد حافظت دولة قطر الغنية على علاقات أوثق نسبيًا مع إيران مقارنة بمعظم الدول الخليجية الأخرى، كما لعبت دورًا بارزًا في الوساطة بين إسرائيل وحماس، الجماعة الفلسطينية المسلحة المدعومة من إيران، منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023.
ولو كانت إيران قد هاجمت دولة خليجية أخرى، لربما واجهت تعقيدات أكبر، إذ أن مقر الأسطول الخامس الأميركي في البحرين، ومنشآت النفط في السعودية، كان من الممكن أن تكون أهدافًا محتملة أيضًا، لكن العلاقات الدبلوماسية بين إيران وهاتين الدولتين لا تزال حديثة وهشة نسبيًا.
وتُعد الإمارات أحد أكبر الشركاء التجاريين لإيران، وتوفر لها منفذًا حيويًا إلى الاقتصاد العالمي في ظل العقوبات الغربية المستمرة، وكان احتمال تحليق صواريخ فوق دبي، المدينة البراقة في الإمارات، سيؤدي إلى نفور جار تعتمد عليه إيران اقتصاديًا.
وبحسب ثلاثة دبلوماسيين مطلعين على الأمر، تحدثوا بشرط عدم كشف هويتهم نظرًا لحساسية الموضوع، فقد تدخل مسؤولون قطريون لدى إيران نيابة عن إدارة ترامب، وقالوا إن ترامب أبلغ أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بأن إسرائيل وافقت على مقترح أميركي لوقف إطلاق النار.
ووفقًا للدبلوماسيين، فقد طلب الرئيس من قطر أن تساعد في إقناع إيران بالموافقة على المقترح، وتمكن رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، من إقناع القيادة الإيرانية بقبول المقترح بحلول مساء الاثنين خلال مكالمة هاتفية.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض، طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث علنًا عن المفاوضات، إن أمير قطر لعب دورًا في محادثات وقف إطلاق النار.
وقد دخلت الهدنة حيز التنفيذ صباح الثلاثاء وبدا أنها لا تزال صامدة مع اقتراب المساء.