تقرير: هل يتهيأ اليمنيون في “الجنوب” لإشعال ثورة ضد السعودية والإمارات وميليشياتها ؟

12 نوفمبر 2024آخر تحديث :
تقرير: هل يتهيأ اليمنيون في “الجنوب” لإشعال ثورة ضد السعودية والإمارات وميليشياتها ؟

الجنوب اليمني: خاص

في الآونة الأخيرة، باتت الأوضاع في جنوب اليمن تشهد توترات متصاعدة في ظل الانتقادات الشعبية تجاه التواجد العسكري السعودي من جهة والإماراتي وميليشياتها من جهة اخرى، وهو ما جعل كثير من من المحللين والمتابعين للشأن اليمني يطرحون العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت هذه الأوضاع قد تؤدي إلى إشعال ثورة ضد هذه القوى (التحالف العربي) وحلفائها المحليين, والذي في وقت مضى ليس ببعيد كان اليمنيين يعتقدون انها جاءت لإنقاذهم من انقلاب جماعة الحوثيين وحليفهم الإيراني, إلا ان المجريات قد تغيرت وما كان بالامس لم يكن اليوم ولن يكون في مخيلة المواطن اليمني الذي يعيش في الجنوب اسواء ما كان يعيشه المواطن اليمني في الشمال بداية الحرب التي شنها التحالف العربي في العام 2015.

 التواجد السعودي الاماراتي .. لماذا في الجنوب ؟

ربما كانت هذه اسخن التساؤولات التي طرحها كثير من المحللين والمراقبين بعد نحو 10 سنوات على تواجد قوات التحالف العربي في الجنوب بالذات على الرغم من ان السبب الذي كانت تستخدمه لذريعة لتواجدها في اليمن يكمن في جماعة الحوثي في الشمال, وربما نجح التحالف في حصر سيطرة الحوثيين في الشمال الا انه لم ينهي تواجد الحوثي كما كان يروج وعوضا عن ذلك فرض التحالف العربي بشقية السعودي والاماراتي سيطرتهم على الجنوب, ومر عقد من الزمان لم يعد فيه التحالف الشرعية ولم ينهي ما كان يسميه بالانقلاب الحوثي والمد الايراني كما وعد, لا يوجد سوى سيطره لقوات سعودية واماراتية وميليشات تابعة لها.

وهنا يرجح مراقبون يمنيون اسباب تقاسم السعودية والامارات للجغرافية في جنوب اليمن لكونه البقعة التي تتركز فيها ثروات وموارد اليمن, ومع غياب السيادة وهشاشة الدولة, فانه لا يوجد تفسير منطقي لتدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية في الجنوب مع وجود هذه الثروات التي كانت في يوم ما سببا لعيش المواطن اليمني في الشمال والجنوب حياة كريمة, فلا قيمة اذا للمبررات التي كانت ترجع اسباب تدهور الوضع الاقتصادي انقلاب جماعة الحوثي على الشرعية بما ان عائدات هذه الثروات لا تذهب للحوثيين في صنعاء ولا للشرعية في عدن بتأكيدات مسؤولين في الحكومة اليمنية صرحوا في اكثر من مناسبة بهذا الامر خلال العقد الماضي, وهذا الامر يفرض توجيه اصابع الإتهام الى كلا من السعودية والامارات وميليشاتها المتمثلة بالمجلس الانتقالي الجنوب, في نهب ثروات اليمن وتعريض المواطنين في الجنوب لظروف معيشية قاسية.

 استياء شعبي ام انتفاضة قادمة

تتمثل إحدى أبرز النقاط المثيرة للجدل في تزايد الاستياء الشعبي في المناطق الجنوبية من اليمن من التدخل العسكري الإماراتي والسعودي، والمرجح ان تتحول لإنتفاضة شعبية قادمة حسب ما يراه الكثيرون ليس فقط بسبب ان التحالف لم يحقق الاستقرار المطلوب وتحسين الاوضاع المعيشية ، وليس لان كثير من اليمنيين في الجنوب اصبحوا على يقين بان سبب تواجد السعودية والامارات في الجنوب هو لنهب وتهريب الثروات فحسب، بل لإن قوات هذه الدول أسهمت بشكل كبير في تعزيز الانقسامات السياسية والقبلية داخل الجنوب اكثر من الشمال، ومع تزايد شكوى كثير من الجنوبيين من سيطرة ميليشيات مدعومة من قبل السعودية والامارات على الأراضي الجنوبية، فقد زاد هذا من حالة الاحتقان الشعبية.

في الوقت نفسه، ومع ظهور دعوات في معظم الأوساط الجنوبية لمقاومة التواجد السعودي والاماراتي والمطالبة بإستعادة السيادة الوطنية لليمن، برزت كذلك شخصيات سياسية طالبت بتحقيق استقلال الجنوب عن بقية أجزاء اليمن مع طرد التحالف، وهو ما يضع عثرات على اجندة الامارات ومشروعها في الاستحواذ على الجنوب من خلال اذرعها وميليشاتها المتمثلة بالمجلس الانتقالي.

ومع حادثة قتل واصابة ضباط سعوديين في حضرموت على يجد جندي يمني بداخل المنطقة العسكرية الاولى بسيئون التي تتواجد بها القوات السعودية، اعتبر كثير من المحللين هذه الواقعة تطورا خطيرا يعكس مدى رفض كثير من اليمنيين لسياسات وممارسات التحالف في الجنوب حتى في صفوف الضباط اليمنيين في العمليات المشتركة مع التحالف.

وقد شهدت بعض المدن الجنوبية مظاهرات احتجاجية، ندد خلالها المتظاهرون بما يصفونه بـ “الاحتلال” الإماراتي والسعودي، مطالبين بخروج هذه القوات من البلاد. وقد وصل الأمر ببعض القوى السياسية المحلية إلى رفع شعارات ضد التدخل العسكري الأجنبي، ودعوا إلى تعزيز المقاومة في وجه ميليشيات ما يسمى “الانتقالي الجنوبي” المدعومة إماراتياً.

ذريعة محاربة الإرهاب

في المقابل، تستمر الإمارات والسعودية في تبرير وجودهما في جنوب اليمن بمزاعم محاربة الإرهاب، خاصة تنظيم “القاعدة” و”داعش”. وهو الامر الذي تبنته الدولتان على مدى عقد من الزمن لتحقيق استراتيجية لتعزيز نفوذهما العسكري والاقتصادي في المناطق الجنوبية التي تتركز فيها الثروة، عبر دعم تشكيلات مسلحة تابعة لهما، مما يعتبرها ناشطون يمنييون مشاريع فرض الهيمنة لكل دولة من دول التحالف العربي  على مقدرات الجنوب.

احد عناصر ميليشات تابعة للسعودية والامارات في جنوب اليمن

ومع اتساع حجم الانتقادات للتواجد السعودي والاماراتي في الجنوب لم تتمكن تلك الاصوات التي كانت تعتبر هذا التواجد ضرورة لحماية مصالحها ضد تهديدات أمنية موجها لها، وبغض النظر عن الاتجاهات المستقبلية، فإن الواقع الميداني في الجنوب اليمني ينذر بتزايد حالة من الاحتقان ضد التحالف، ما قد يشكل تحدياً كبيراً للمستقبل السياسي في اليمن، ويضع السعودية والامارات والقوى الإقليمية أمام ضغوط متزايدة من أجل إعادة تقييم سياساتها في اليمن.

ويظل السؤال المطروح: هل حالة الغضب والاستياء الشعبي في اليمن والجنوب في طريقها إلى حركة ثورية ضد التواجد السعودي الاماراتي، أم ستظل مجرد موجة احتجاجات عابرة ؟

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق