الجنوب اليمني | خاص
في وقت يواصل فيه الريال اليمني هبوطه الحاد أمام العملات الأجنبية حصل موقع “الجنوب اليمني” على معلومات حصرية تكشف عن خروج مبالغ مالية ضخمة من اليمن عبر مطار عدن الدولي خلال 14 شهرًا فقط، ما يثير تساؤلات واسعة حول طبيعة هذه التحويلات، ودور الجهات المصرفية المعنية، ومدى فاعلية البنك المركزي في ضبط السياسة النقدية والرقابة على تدفقات الأموال.
وتكشف الوثائق الحصرية خروج اثنين مليار وستمائة وخمسة مليون ريال سعودي عبر مطار عدن الدولي في الفترة بين فبراير 2024م وشهر ابريل 2025م إضافة إلى مليون درهم إماراتي وثلاثة مليون ونصف المليون دولار امريكي.
وبحسب المعلومات فإن هذه الاموال أُخرجت عبر بنك التسليف الزراعي وبنك القطيبي و بنك عدن للتمويل الأصغر وجميعها ذهبت إلى جدة في المملكة العربية السعودية.
هذا المبلغ الكبير الذي غادر اليمن إلى الخارج خلال فترة 14 شهراً فقط يكشف حجم النزيف الذي يجعل من انهيار العملة الوطنية امرا واقعا.
قد يقول قائل إن ما جرى هو أمر طبيعي وأن تقوم البنوك بإخراج اموالها إلى خارج لتعزيز أرصدتها ومواجهة أعباء الاعتمادات المستندية التي تفتحها لفاتورة الاستيراد وان ذلك تم بعلم البنك المركزي اليمني.
لكن الحقيقة أن البنك المركزي خارج الفاعلية وأن تجار السوق ومحلات الصرافة والبنوك الخاصة هي التي تتسيد المشهد المالي وتفعل ما تريد.
لقد استمر الريال اليمني في حالة تهاوي دون إجراءات حقيقية ولا دعم من الجيران الأغنياء الذين فتحوا حربا في هذا البلد ونكبوه في كل المجالات.
ففي العام 2015 مع بداية التدخل السعودي الإماراتي في اليمن كان سعر الدولار في أغسطس/آب 225 ريالا..
وها هو اليوم بعد عشر سنوات من تدخلهم يقترب من 3 آلاف ريال.
محلات الصرافة والتجار يديرون القطاع المالي وليس البنك المركزي
وقال موظف في البنك المركزي اليمني في تصريح خاص لـ “الجنوب اليمني”: “أن هناك غياب تام للفعل الحكومي على الساحة وعلى الواقع، وهنا المشكلة، فلذلك السياسة المالية والسياسة النقدية كلها مغيبة، وبالتالي أن نصل إلى هذا الوضع أمر حتمي.”
وأضاف قائلاً : “أتوقع أن القطاع البنكي والقطاع المالي كله يُدار من قبل محلات الصرافة ومن قبل التجار ومن ناحية اقتصادية أنا أرى أن النتيجة التي نحن فيها نتيجة طبيعية.”
وتحدث أيضاً: “هناك جهات لديها نفوذ واسع داخل منظومة الشرعية، مستفيدة من هذا الانهيار ومن هذا التدهور، لأننا لا نلمس أي رغبة حقيقية وجهود حقيقية من قبل الحكومة، والكل صامت ويتفرج لما يحدث، والمواطن هو من يدفع ثمن هذا الانهيار..”
وفي ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال الأبرز: من يملك القرار في القطاع المالي اليمني؟ وهل ما يحدث هو نتيجة لفراغ مؤسسي وغياب رقابة الدولة، أم أن هناك منظومة مالية موازية تعمل خارج إطار البنك المركزي؟
وفي وقت يتدهور فيه الريال اليمني بشكل غير مسبوق، يستمر المواطن في دفع ثمن غياب السياسة النقدية، بينما تظل الجهات المعنية صامتة أمام نزيف العملة وخروج رؤوس الأموال، دون شفافية أو مساءلة.