الجنوب اليمني | خاص
كشفت قناة “العربية” في وثائقي جديد بُث مساء امس السبت بعنوان “علي عبدالله صالح المعركة الأخيرة”، عن تفاصيل جديدة حول اللحظات الأخيرة في حياة الرئيس اليمني السابق “علي عبدالله صالح” وذلك عبر شهادات أدلى بها نجله “مدين علي عبدالله صالح” وعدد من مرافقيه، مسلطة الضوء على الأيام الدامية التي سبقت مقتله على يد جماعة الحوثي في مطلع ديسمبر/كانون الأول 2017.
وبحسب الرواية التي وردت في الوثائقي، بدأت الأحداث حين أدرك صالح أن منزله في صنعاء بات محاصرًا بالكامل من قِبل الحوثيين، في ظل اشتداد المواجهات لثلاثة أيام متواصلة وتفوق ناري واضح للجماعة، ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالخروج من العاصمة والتوجه نحو مسقط رأسه في قرية الحصن بمديرية سنحان، في محاولة لإعادة ترتيب أوراق المواجهة، مستندًا إلى ولاء قبلي كان يعتقد أنه لا يزال قائمًا.
وفقًا لشهادة مدين، تم إعداد ثلاثة مواكب مدرعة لمغادرة المنزل، اثنان منها للتمويه، بينما كان الموكب الثالث يضم الرئيس السابق ونجله والأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام عارف الزوكا.
ونجح الموكب في مغادرة صنعاء وسط اشتباكات متقطعة، حتى وصل إلى قرية الجحشي، الواقعة بين صنعاء والحصن، حيث وقع في كمين محكم نُصب من قبل الحوثيين.
وخلال الاشتباك، تعرّضت معظم العربات للتدمير، ولم تنجُ سوى سيارة واحدة تحصن بداخلها صالح ومن معه، حيث أُصيب الرئيس السابق برصاصتين، إحداهما في الساق والأخرى في الصدر. وبحسب الشهادة، رفض صالح الاستسلام وقاتل حتى اللحظة الأخيرة ، وفي ذات الموقع، قُتل الزوكا، بينما تم اعتقال مدين وعدد من المرافقين من قِبل الحوثيين.
وأبرز العمل الوثائقي موقف الأمين العام للمؤتمر عارف الزوكا الذي رفض عروض الحوثيين بالخروج الآمن وقرر البقاء إلى جانب الرئيس صالح حتى قتل ، في مشهدٍ وصفه الوثائقي بأنه يُجسد الوفاء والولاء النادر.
من جانبه كشف الوثائقي عن نجاح الحوثيين في اختراق صفوف قوات المؤتمر شعبيًا واستخباراتيًا مستغلين حالة التراخي والضعف في الجبهة الداخلية.
وتنفي هذه الرواية للمرة الأولى ما كان يُتداول سابقًا بشأن مقتل صالح داخل منزله بصنعاء، وتؤكد أن لحظة مقتله جرت خارج العاصمة، وتحديداً في قرية الجحشي بمديرية سنحان.
ووفق قرآءة تحليلية أجراها موقع “الجنوب اليمني” فإن قرار صالح مغادرة صنعاء شكّل سوء تقدير عسكرياً وسياسياً معتمدًا على حسابات قديمة تتعلق بالولاء القبلي، في حين كانت جماعة الحوثي تمتلك تفوقًا استخباراتيًا وميدانيًا مكنها من تتبّع الموكب وتطويقه.
كما أظهرت التطورات بوضوح أن الحوثيين لم يكونوا بصدد الدخول في تسوية أو تفاوض، بل كانوا يسعون إلى إنهاء صالح عسكريًا، نظرًا لما مثّله من تهديد سياسي وشعبي داخل صفوف حلفائهم السابقين.
وتحوّل المشهد من خطاب النصر الذي أعلنه صالح قبل أيام من مقتله إلى رحلة هروب مأساوية، انتهت بمقتله على طريق موحل بالدماء، في وقتٍ تراجعت فيه ولاءات بعض قيادات المؤتمر والقبائل، ما أسهم في تسريع نهايته.