الجنوب اليمني | خاص
شهدت محافظة عدن صباح اليوم السبت موجة أمطار غزيرة تسببت في غرق عشرات الشوارع والأحياء السكنية، وسط تكرار مشهد المعاناة الذي يلاحق سكان المدينة مع كل موسم مطر، ما أثار سخطاً شعبياً واسعاً تجاه الأداء الخدمي للسلطة المحلية، التي يديرها المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً منذ سنوات.
وأفاد مواطنون لـ”الجنوب اليمني” أن السيول غمرت الطرق الرئيسية والفرعية في مختلف مديريات عدن، محولة إياها إلى برك مائية واسعة، ما أدى إلى شلل شبه تام في الحركة المرورية، وتضرر عدد من المنازل والمحال التجارية، خاصة في المناطق المنخفضة..
وأثارت مشاهد الغرق موجة غضب واستياء شعبي، حيث اعتبر الأهالي ما حدث دليلًا إضافيًا على سوء تنفيذ مشاريع الطرقات وافتقارها لأبسط معايير الجودة، مؤكدين أن معظم الشوارع التي أُنشئت أو رممت في السنوات الأخيرة تفتقر إلى شبكات تصريف فعالة لمياه الأمطار.
وتحدث الأهالي عن معاناة تتكرر سنوياً مع كل هطول مطري، وسط غياب أي حلول جذرية، مؤكدين أن ما جرى ليس “كارثة طبيعية”، بل نتيجة مباشرة لسنوات من الفساد والإهمال في تنفيذ مشاريع الطرق والصرف الصحي، التي تُنفذ دون رقابة أو مساءلة حقيقية..
وفيما تلتزم السلطات المحلية الصمت، وجه المواطنون أصابع الاتهام إلى المجلس الانتقالي، بوصفه الجهة التي تدير العاصمة عدن فعلياً، متهمين إياه بالعجز عن إدارة ملف الخدمات، وعدم إظهار أي جدية في محاسبة المتورطين في الفساد، خصوصاً في مشاريع البنية التحتية التي تُموّل بمبالغ ضخمة.
وفي السياق ذاته، أطلق ناشطون وصحفيون حملة انتقادات واسعة، كان أبرزها من االصحفي “فتحي بن لزرق” الذي كشف أن أكثر من 80% من مشاريع الطرق في عدن خلال السنوات الخمس الأخيرة أُسندت إلى شركة مقاولات واحدة، دون مناقصات وبالأمر المباشر رغم ظهورها فقط بعد عام 2016 ، وتعود ملكيتها إلى عدد من القيادات التي برزت بعد 2015..
وأوضح بن لزرق أن مشاريع هذه الشركة غالبًا ما تنفذ دون مصارف مياه أو ضمانات حقيقية، مستشهدًا بمشروع “خط الجسر” الذي بلغت تكلفته أكثر من 3 ملايين دولار، بينما اكتُشف لاحقًا أنه يفتقر لمصارف، مما استدعى تمويل مشروع إضافي بقيمة 460 ألف دولار لمعالجة الخلل.
وأشار إلى أن هذه الشركة أجبرت السكان على استخدام طرق ترابية لأكثر من ستة أشهر بحجة إصلاح المصارف، قبل أن يتبين فشل المشروع، مؤكدًا أن فتح تحقيق جاد وشفاف بات ضرورة ملحة.
من جانبه، انتقد الصحفي عبدالرحمن أنيس أداء الجهات المشرفة على المشاريع، معتبرًا أن ما حدث لا يعكس فشل البنية التحتية فقط، بل يفضح غياب الرقابة وسوء التخطيط، مضيفًا: “الأمطار لم تفضح الطبيعة، بل كشفت عجز المؤسسات وفسادها”.
وطالب أنيس بمحاسبة كل من تسبب في هدر المال العام، مؤكدًا أن ما تعانيه عدن من أزمات موسمية متكررة لا يمكن إنهاؤه دون حلول جذرية ومحاسبة حقيقية للفاسدين.
وتعيش عدن اليوم حالة من السخط الشعبي المتصاعد، وسط تساؤلات مشروعة حول مصير مئات الملايين من الدولارات التي ضُخت في مشاريع لم تصمد أمام أول اختبار طبيعي.