بن دغر والتكتل الجديد.. هل سيغير المشهد المتردي ويكون لاعباً فاعلاً في الساحة اليمنية..(تحليل)

13 نوفمبر 2024آخر تحديث :
بن دغر والتكتل الجديد.. هل سيغير المشهد المتردي ويكون لاعباً فاعلاً في الساحة اليمنية..(تحليل)

الجنوب اليمني | خاص

أحدث إشهار “التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية” اهتماماً للمراقبين والرأي العام، وبات محل نقاش إيجابي وسلبي، ما بين شرائح تعلق عليه أمل صنع التغيير وأن يؤسس لمرحلة جديدة قادمة تمهد لأن يتسلم التكتل إدارة المشهد واستبداله بمن تصدروه بالعشر سنوات الماضية وقادوا البلد للفشل المطلق والتبعية المبالغ فيها، وما بين شرائح أخرى ونخب هاجمته واعتبرته امتداداً لمن سبقه، ومجرد فقاعة صابون ستنتهي دون صوت.
ما بين الفريقين نستطلع بموقع “الجنوب اليمني” وجهات نظر عدد من السياسيين، لنستكشف نظرتهم الموضوعية عن إمكانية أن يحرك هذا التكتل مياه ظلت راكدة مجمدة من العمل الحزبي والمدني والسياسي “الميداني والمؤسسي” لليمنيين من بعد 2015 ، “تجمد” عمل التحالف بشكل ممنهج على ترسيخه، لتكون ساحة الملعب فارغة عشر سنوات له ولمليشيات صنعها، وخلا الملعب تماماً من فعالية حقيقية للأحزاب السياسية اليمنية بانقطاع تواصلها مع قواعدها بالمحافظات.
الأمر الذي أفقد الساحة للمنافس الذي يوازن الكفة مع المليشيات، ومكن لها العبث والانفراد بالمدن والأرض، بل وأدخلت أيضاً للحكم والسلطة؛ لتناطح الأحزاب بالمناصب والسطوة والسلطة. مما أوصل الدولة ومؤسساتها لأن تصبح كياناً “مسخاً” مشلولاً افتقد للهيبة والقوة والتأثير، وجعلها منعزلة عن مشاكل واحتياجات الشعب تماماً.

“محاولة اختراق لحالة فراغ وضياع تسبب بها التحالف”
يعلق الصحفي والمحلل السياسي “عبدالرقيب الهدياني” عن إشهار التكتل وفرص نجاحه وأسباب تأسيسه بالقول “إن التكتل المعلن عبارة عن “محاولة” من الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة في الساحة اليمنية لإحداث اختراق وسط هذا الفراغ والضياع والتهميش الذي عليه الواقع السياسي في البلد منذ انقلاب 2014 على الدولة، ومنهجية التحالف السعودي الإماراتي هي من عززت هذا التهميش، بل وعززت التجريف للعمل السياسي والحزبي والمؤسسات لصالح الكيانات الطارئة والميليشيات والجماعات المسلحة، التي لا تمتلك بعداً وطنياً، ولا تجارب سياسية، ولا وعياً بمتطلبات المرحلة.
ويطرح الهدياني سؤالاً عن مدى جدية هذه الخطوة وهذا التكتل الحزبي الوطني في التأثير الإيجابي لصالح تعزيز مؤسسات الدولة في المناطق المحررة، وخلق بيئة صحية لنشاط المجتمع وتنشيط مؤسساته المدنية والإسهام في “خلق” فضاء للتعايش والاستقرار والتنمية واللحمة الوطنية.؟

“هل ستسمح الرباعية لليمنيين بالعودة للعمل الحزبي الجاد”
ويخشى الهدياني أن تكون هذه الخطوة مجرد إسقاط واجب في الوقت بدل الضائع من اللجنة الرباعية، قائلاً “إن خطوة الأحزاب هذه جاءت بتنظيم من المعهد الديمقراطي الأمريكي، خصوصاً بأن الأمريكان وإدارة الرئيس بايدن على وشك تسليم السلطة للرئيس الأمريكي الجديد، لتقول إدارة بايدن في تقرير إخلاء طرفها في الملف اليمني، أنها رعت هذا التكتل وشجعت الأحزاب والقوى اليمنية، بينما الصحيح أن هذه الدول الرباعية المسئولة عن الملف اليمني منذ عقد، هي من “كرس الفراغ”، وجففت وجود العمل الحزبي والمجتمع المدني، وضربت مؤسسات الدولة والقوانين لصالح جماعات الفوضى والعنف والمليشيات، كما يجزم الصحفي والمحلل الهدياني.
ويعتقد الصحفي الهدياني أن الايام القادمة كفيلة بكشف مصداقية هذه الخطوة، ومدى دعم الرباعية لها، وإثبات أنها ليست إلا مجرد لافتة بلا فاعلية.

“نوايا صادقة لكن”
ولايشكك الهدياني في مصداقية هذا التكتل ولا المكونات المنضوية فيه، فهي كما يؤكد كيانات عريقة ولها سجل وطني كبير، بالذات قيادة التكتل المشهود لها بالوطنية، ولكن تشكيكه هو في الرعاة الإقليميين والدوليين، لأن مسار العشر السنوات الماضية ومنهجهم في الملف اليمني مشبوه، وأفقد عموم الشعب الثقة في سياساتهم المطبقة على الأرض، والتي عانى ويعاني منها الشعب، والتي أنتجت غياب الدولة، وضياع الخدمات، وفقدان الأمان والأمل بمستقبل قريب، يخرج اليمن وشعبه من هذه الدوامة والعبث.

“يقلل الصدامات ويقارب الافكار”
خطوة ممتازة، هذا ما وصف به المحلل السياسي “حسن مغلس” تكتل الأحزاب اليمنية المعلن عنه مؤخراً، قائلاً إن في أي دولة بالعالم كلما تكتلت الناس وتوحدت بأي مجتمع داخل أي مكون، كان أفضل للبلد، فالتكتل دائماً عنواناً للقوة. لأن التفرق حسب قوله نتيجته دائماً صدام وصراع، والتكتل يقلل الصدامات، ويقارب الأفكار، ويخلق مساحة ممكن التفاهم من خلالها، ويزيح الحواجز النفسية التي تلعب دوراً سلبياً بين كل المكونات بشكل عام، فبدون تقارب الأفكار وكسر الحواجز لن نستطيع إنجاز عمل وبناء وطن.

“المعهد الأمريكي لم يتدخل بالحوارات”
وبالنسبة للراعي أو الغطاء الذي قامت عليه اللقاءات التي أثمرت عن تشكيل التكتل، قال الأستاذ “مغلس” إن غطاء المعهد الأمريكي الديمقراطي كان هدفه ألا يُحسب هذا المكون على أحد من الأحزاب المشاركة، كما أن غطاء المعهد الأمريكي لا يعني أن أمريكا هي المشرفة على الموضوع، وكذلك مباركة الولايات المتحدة للتكتل لا يعني أنها راضية عنه 100%، فهذه فقط قواعد دبلوماسية أن تقوم بمباركة أية حوارات يمنية يمنية تجمع الأحزاب على أهداف وبنود موحدة.
ونبه “مغلس” بأن المعهد الأمريكي أصلا هو معهد قديم موجود بصنعاء، واشتغل حتى أيام الحوار الوطني الشامل بعد ثورة 2011، فالاستفادة منه كمعهد يدعم الديمقراطية حتى يكون غطاء شكلي جامع لا أكثر ولا أقل، ومظلة للحوارات بين الأحزاب اليمنية بينها البين دون أي تأثير منه أو تدخل بالبنود والنقاشات بين هذه الأحزاب والمكونات.

“المتحاورون يمنيون والأفكار يمنية”
ويرى المحلل السياسي أن التكتل خطوة بالطريق الصحيح ومفيدة للوطن، ونوه للإشارة إلى نقطة مهمة جداً كما وصفها، وهي :”أن المتحاورين هؤلاء والأحزاب هذه كلها من أين هم؟، أليسوا يمنيون من أبناء هذا البلد؟ ،ولديهم طموحات وأفكار للنهوض بالبلد، وكلهم ينادون لبناء الوطن وحل مشاكله ؟. إذن فلنلتقي لأجل بناء الوطن ونتوحد ونجتمع معاً، بدلاً من الفرقة، وأهم شيء أن المتحاورين هم يمنيون ولا يوجد أجنبي بينهم، ومن طرح الأفكار هم أيضاً يمنيون، وبالتالي فهناك إرادة يمنية بدأت تتحرك وتتحاور وتصنع شيئاً ولو كان متأخراً”.

“السعودية غير راضية، لكنها مضطرة لتهرب من الانهيار الذي صنعته”
بالنسبة لسؤال هل هناك داعم خارجي للتكتل السياسي الجديد، يقول الأستاذ “مغلس” أنه يرى أن السعودية قد تغض الطرف عن أي تقارب يمني يمني، والإمارات سترفضه، وكذلك السعودية لن يرضيها أن ترى عودة حزبية قوية لليمنيين وأي تقارب قوي بينهم، ولكن سياسة المملكة أنها تلعب على نار هادئة لاحتواء أي مشكلة ببطئ، ولم تقدم للآن للتكتل شيء غير الحماية فقط للأشخاص المشاركين، ومعلوم أن بن دغر مثلاً ما كان ليدخل عدن إلا بحماية من السعودية.

“أمريكا لا تستطيع منع اليمنيين من التحاور”
بالنسبة لأمريكا يعتقد المحلل السياسي أنها تحاول أن تستفيد من هذه اللقاءات والنقاشات بين الأحزاب اليمنية لكي تروج أنها راعية للديمقراطية، وظناً منها أنها بالنهاية ستأتي لتفرض كلمتها عليهم أو على بعض الشخصيات بالداخل، فهي لا تستطيع أن تمنع تحركات يمنية تقوم على الحوارات، فأمريكا لا تقول لا ولا تدعم للنهاية، وهي حين ترى أن هناك تحركات يمنية، خاصة أن هناك حالة انهيار بالبلد، وصراخ يتعالى من اليمنيين والوضع منهار وغير مرضي، فربما هي تحاول تراضي وتحتوي هذا الغضب، لكن الأكيد أنه في النهاية إذا تحرك اليمنيون بجدية فالإرادة الخارجية ستحترمهم.

“انهيار البلد ليس كل أسبابه خارجية بل أخطاء اليمنيين أيضاً”
أهم شيء أن اليمنيين يتقاربون، ويجب أن نقتنع كما يشدد “حسن مغلس” أن الوضع الذي وصلته البلاد ليس كل أسبابه دفع خارجي فقط، بل نتحمل نحن كيمنيين جزءاً كبيراً من مسؤولية ما نحن فيه، وهذا التكتل ليس وليد اللحظة، بل كانت هناك لقاءات كثيرة للتقارب، ولكسر الحواجز بالسنوات الأخيرة، أثمرت أخيراً عن هذا التقارب الكبير والمهم.
وأضاف: “نحن اليمنيون يجب أن نتفاهم بالنهاية وغير معقول أن نظل نتفرج على بعضنا ونحن نموت وبلدنا تتمزق، فيجب أن نعتمد على قوتنا الداخلية، وبالنسبة للسعودية فلا بد سيكون لها بعض التأثير كون عاصمتنا السياسية للأسف داخل الرياض وليست موجودة بعدن، والقصد بالعاصمة هو الإدارة والقرار السياسي”.

“لا يملك أدوات ولكن”
بالنسبة لما يملكه هذا التكتل من قدرة على تغيير المشهد الحالي، يعترف “مغلس” بأنه لا يملك لا قدرات ولا أدوات، حيث لا يملك قدرة عسكرية ولا ميزانية ولا أدوات وزارية وتنفيذية، لكن هو يملك أن يقرب وجهات النظر ويقدم حل للدولة وليساعدها، حيث أن بعض هذه المكونات بالتكتل أساساً لديها وزراء بالحكومة ونواب بمجلس الرئاسة، رغم أن مكون الانتقالي انسحب من التكتل، وهو يملك نصف المناصب التنفيذية بالدولة مع الأسف، حيث تم منحه الشرعية وهو لا يستحقها.

“هدف سياسي بعيد”
ويضيف: “هذا التكتل له هدف سياسي بعيد نوعاً ما وهام، وقد يكون هدف قريب، فأحياناً عند أي تغيير عالمي سيكون على الأقل موجود تكتل وكيان سياسي موحد جاهز يجمع كل المكونات والأحزاب، ونكون تقاربنا وتكتلنا ووحدنا جبهتنا بالمحافظات المحررة ولم نعد مفرقين، ماعدا المجلس الانتقالي هو وحده النشاز والخارج عن الصف الوطني الموحد.

“ظهور لا بد منه لخلق التوازن”
من جانبه يرى الناشط السياسي والإعلامي “محمد حسين المنصوري” أن الشعب في الجنوب وصل إلى حالة الانهيار بكل ما تعنيه الكلمة من معنى على كافة الأصعدة، وتشردت العائلات من منازلها وأقصيت قيادات الدولة من وظائفها في المؤسسات العامة وتوقفت الخدمات، وأصبح المواطن لايجد قوت يومه ووصلت حالة الانفلات الأمني في العاصمة المؤقتة عدن إلى درجة أن المواطن يخاف من رؤية رجال الأمن، وهذا يعني من وجهة نظر “المنصوري” أن الأمور وصلت لحالة انهيار الثقة بين المواطن والأجهزة التي يفترض أنها المعنية بحمايته، فكان ظهور التكتل الوطني للمكونات والأحزاب السياسية ضرورة لابد منها كما يقول السياسي والإعلامي المنصوري، وأنه على أقل تقدير ظهر لأجل خلق توازن سياسي بين المكونات والقوى المسيطرة في المناطق المحررة.
ويجزم “المنصوري” بقوله “نحن لا يعنينا هذا التكتل أو ذاك، الذي يعنينا ماذا سيقدم هذا التكتل للشعب والمواطن الذي طحنته الظروف المعيشية، وأصبح عاجزاً عن توفير أبسط مقومات الحياة لأسرته وأولاده؟”.

“كيان سياسي لا يملك سلطة”
لكن المنصوري يرى من وجهة نظره أن التكتل لا يستطيع خلق نقلة نوعية للحالة التي يعيشها المواطن في المناطق المحررة، لأن القصد من إنشاءه كان سياسياً وليس لإدارة شؤون البلاد كما يقول، وكان الهدف الاول من إنشاءه هو لكبح جماح المجلس الانتقالي، وسحب البساط من تحت أقدامه وإيجاد بديلاً مناسباً عن الانتقالي في الحوارات ونقاشات اليمن القادمة.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق