الجنوب اليمني: خاص
في ظل أزمة اقتصادية خانقة تشهدها اليمن، يبدو واضحًا للجميع أن التحالف العربي بقيادة السعودية يتحمل المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية وانهيار العملة المحلية. فمنذ بدء التدخل العسكري للتحالف في مارس 2015، تدهور الاقتصاد اليمني بصورة غير مسبوقة، مع تراجع قيمة الريال بشكل حاد وارتفاع الأسعار إلى مستويات لا يمكن تحملها، مما أدى إلى تفاقم معاناة المواطنين.
قبل التدخل: الوضع الاقتصادي في اليمن
قبل التدخل العسكري للتحالف العربي، كان الوضع الاقتصادي في اليمن مستقرًا نسبيًا، حيث كان سعر الصرف للدولار الأمريكي حوالي 250 ريالًا يمنيًا، وسعر الريال السعودي نحو 50 ريالًا يمنيًا. كما كانت الحكومة قادرة على دفع رواتب الموظفين وتوفير الخدمات الأساسية. لكن منذ تدخل التحالف، تصاعدت الأزمات الاقتصادية بشكل متسارع، ووصل سعر الدولار الواحد إلى أكثر من 1400 ريال، والريال السعودي تجاوز 370 ريالًا يمنيًا، مما تسبب في فقدان القدرة الشرائية للمواطنين وتدهور الأوضاع المعيشية.
دور التحالف في تدهور الاقتصاد
التحالف العربي تبنى سياسات اقتصادية أدت بشكل مباشر إلى تدمير الاقتصاد اليمني. منذ بداية التدخل، شنت قوات التحالف هجمات عسكرية على مواقع اقتصادية حيوية، بما في ذلك الموانئ والمطارات والجسور، مما أعاق حركة التجارة وعطل الأنشطة الاقتصادية. كما فرض التحالف حصارًا على الموانئ والمطارات، مما أدى إلى شلل الاقتصاد وصعوبة وصول البضائع والوقود والسلع الأساسية إلى الأسواق المحلية.
ومن ناحية أخرى، قام التحالف بالتدخل في السياسة النقدية من خلال الضغط على الحكومة لنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن في عام 2016، مما أدى إلى انقسام المؤسسة المالية الوطنية وفقدان السيطرة على السياسة النقدية. هذا القرار ساهم في تدهور قيمة العملة بشكل متسارع، حيث فقدت الحكومة قدرتها على إدارة الأموال، وتوزيع الرواتب، وتوفير العملات الأجنبية.
السياسات المالية غير المدروسة
رغم تقديم السعودية ودائع مالية لدعم البنك المركزي في عدن، إلا أن هذه الحلول المؤقتة لم تكن كافية لإصلاح الضرر الناتج عن سياسات التحالف. لم يكن هناك خطة متكاملة لدعم الاقتصاد بشكل فعّال، بل استُخدمت هذه الودائع لتهدئة الأسواق بشكل مؤقت، فيما ظلت الأزمات الهيكلية قائمة، واستمر الريال في الانهيار بعد انتهاء تأثير الدعم المالي.
كما لعب التحالف دورًا في تشجيع الفساد داخل مؤسسات الدولة، حيث كانت الأموال المقدمة تُدار بشكل غير شفاف، مما أتاح للعديد من الجهات المتنفذة الاستفادة منها بشكل غير مشروع، دون أن تصل إلى القطاعات الحيوية التي كانت تحتاج إلى دعم حقيقي.
الانقسام السياسي وتعميق الأزمة
لا يمكن إغفال دور التحالف في تعميق الانقسامات السياسية في اليمن من خلال دعمه لأطراف متصارعة، مما أضعف الحكومة المعترف بها دوليًا. أدى هذا الانقسام إلى خلق حالة من الفوضى السياسية والاقتصادية، حيث انعدمت الثقة في المؤسسات المالية، وانقسم البنك المركزي بين عدن وصنعاء، مما أضعف دور السياسة النقدية في تثبيت سعر الصرف.
مطالب المواطنين والمجتمع الدولي
في ظل هذه الظروف، يُطالب المواطنون اليمنيون والمجتمع الدولي التحالف العربي بتحمل مسؤوليته عن الأزمة الاقتصادية والقيام بخطوات عاجلة لدعم الريال اليمني بشكل مستدام. ويشمل ذلك تقديم دعم مالي كبير يوجه نحو تحسين الأوضاع المعيشية والبنية التحتية، إلى جانب رفع القيود على حركة التجارة والسماح بوصول السلع الأساسية.
الخلاصة
التحالف العربي يتحمل المسؤولية الكاملة عن تدهور الاقتصاد اليمني وانهيار الريال، نتيجة سياساته العسكرية والاقتصادية غير المدروسة. لقد كان الوضع الاقتصادي في اليمن أفضل بكثير قبل التدخل العسكري، ومع مرور الوقت، تزداد الأوضاع سوءًا مع كل يوم تستمر فيه هذه السياسات. يتطلب الأمر تغييرًا جذريًا في نهج التحالف لدعم استقرار اليمن وإنهاء معاناة شعبه.