الجنوب اليمني: خاص
في ظلّ التعقيدات السياسية والاقتصادية التي يمر بها جنوب اليمن، تبرز تساؤلات حول احتمالية تحرك شعبي واسع ضد التدخلات الخارجية للسعودية والإمارات والميليشيات المحلية التابعة لها، على غرار ما شهدته سوريا في مراحل ثورتها الأخيرة بعد طرد بشار الأسد وقواته والميليشات الإيرانية الموالية له.
تراكم الغضب الشعبي في الجنوب
يعاني سكان جنوب اليمن من أزمات معيشية خانقة نتيجة تدهور الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والصحة، بالإضافة إلى الانهيار الاقتصادي الذي أثر بشكل مباشر على حياة المواطنين. ومع استمرار سيطرة قوى عسكرية وسياسية مدعومة من جهات خارجية على القرار المحلي، تصاعد السخط الشعبي ضد هذه الأطراف التي يعتبرها الكثيرون مصدرًا للأزمات بدلًا من حلول لها.
الأحداث الأخيرة في عدن وحضرموت ولحج تشير إلى موجات احتجاجية متصاعدة، تندد بالتدهور الاقتصادي وتأخر الرواتب، فضلًا عن فساد السلطات المحلية الموالية لميليشات المجلس الانتقالي الجنوبي وغياب الأمن في الجنوب، هذه الاحتجاجات تحمل بوادر غضب شعبي قد يتطور إلى حراك واسع إذا لم يتم الاستجابة لمطالب المواطنين.
التدخلات الخارجية وتفاقم الأزمة
يعد التدخل الخارجي أحد الأسباب الرئيسية التي تزيد من تعقيد المشهد في الجنوب. إذ إن الأجندات الإقليمية المتضاربة تسهم في تعزيز الانقسامات وإطالة أمد الأزمة. الأطراف الخارجية المتمثلة في السعودية والإمارات التي تدعم فصائل محلية بعينها (المجلس الانتقالي) تُتهم بعرقلة أي حلول سياسية شاملة تُلبي تطلعات أبناء الجنوب، مما جعل كثيرين يعتبرون هذه التدخلات جزءًا من المشكلة وليست جزءًا من الحل.
إمكانية الثورة
رغم وجود سخط شعبي متزايد، إلا أن هناك عوامل تحد من احتمالية حدوث ثورة شاملة في الجنوب مثلما حدث في سوريا، أبرزها:
- تجزئة المشهد الجنوبي: يعاني الجنوب من انقسامات سياسية وقبلية عميقة، مما يحد من وجود قيادة موحدة يمكنها توجيه الحراك الشعبي ضد السعودية والامارات.
- الخوف من الفوضى: التجارب السابقة في بلدان أخرى، كليبيا وسوريا، تزرع القلق لدى كثيرين في الجنوب من أن أي ثورة قد تؤدي إلى انهيار أكبر في الخدمات والأمن.
- سيطرة الفصائل المسلحة: النفوذ العسكري الكبير للميليشيات في الجنوب يجعل من الصعب على أي حراك شعبي أن يتحرك بحرية أو أن يكون له تأثير فعلي دون مواجهة عنف.
بوادر التغيير
على الرغم من التحديات، يعتقد بعض المحللين أن الجنوب اليمني قد يشهد حركة تغيير إذا استمر الوضع في التدهور. فالتاريخ يشهد بأن الشعوب غالبًا ما تتحرك عندما تصل إلى نقطة اللاعودة، وقد يكون الضغط الاقتصادي وغياب الحلول السياسية دافعًا لتحرك شعبي، سواء من خلال احتجاجات سلمية أو أشكال أخرى من المقاومة.
جنوب اليمن يقف على مفترق طرق، بين استمرار الأزمات وبين احتمالية تصاعد الغضب الشعبي إلى مستوى قد يغير المعادلة السياسية. ومع استمرار الأوضاع الراهنة، يبقى السؤال: هل سيتحرك أبناء الجنوب لإنهاء التدخلات الخارجية لكل من السعودية والإمارات وميليشا المجلس الإنتقال كما فعل الثوار في سوريا مع ميليشا بشار الأسد ؟ أم أن المعادلات الإقليمية والمحلية ستُبقي الوضع كما هو عليه لفترة أطول؟