الجنوب اليمني | تقرير خاص
لأول مرة منذ عشر سنوات تظهر عدن بلون آخر غير لون المجلس الإنتقالي وتيار الإنفصال الذي سقطت المدينة تحت سلطته عقب التدخل السعودي الإماراتي عام 2015م
عدن هذه المرة باللون النسائي الاسود الطاغي وآلاف من المشاركات القادمات من مختلف مديريات المحافظة.
مثلت المظاهرة النسوية التي شهدتها ساحة العروض السبت الماضي احتجاجاً على تردي الخدمات سابقة مهمة وفصل جديد في عدن.
جاء تنظيم الفعالية من خلال ترتيب نساء عدن المنضويات في إتحاد نساء اليمن..ومعهن الناشطات في العمل المدني..والتيار الرافض لسياسة الانتقالي ومشاركة باقي المجتمع العدني.
كان لوسائل التواصل الإجتماعي وخصوصاً الفيسبوك والواتساب تحديداً التأثير الأكبر في تحفيز خروج المشاركات وعملية التحشيد التي سبقت الفعالية بأيام ، وبالمجمل فالفعالية أشبه بالعفوية كون المطالب تهم المجتمع كله.
خلت المظاهرة من الأعلام الإنفصالية بل وأفشلت كل محاولات المجلس الانتقالي لإختراقها وتجييرها لصالحه وهو الذي تمكن سابقاً من ركوب موجة مظاهرات مشابهة للنقابات المهنية والعمالية مثلاً.
هتفت المتظاهرات ضد الشرعية والانتقالي بشكل مباشر وانزلت كل اعلام الإنفصال التي حاول المجلس الإنتقالي رفعها عبر نساء تابعات له دسهن داخل المظاهرة بل وتم طردهن من المنصة والساحة.
تغيير ملحوظ وجديد في المزاج الشعبي عبرت عنه نساء عدن المحتشدات في ساحة العروض عندما حاكمن المجلس الانتقالي شعبياً بشكل واضح وحمّلنه مسئولية تردي كل الخدمات في العاصمة عدن.
عملت صفحات المجلس الإنتقالي في وسائل التواصل الإجتماعي على مهاجمة المظاهرة وتوجيه الإتهامات ضد المشاركات: مرةً ان رئيس الوزراء السابق احمد بن مبارك يقف خلف خروجهن ، ومرةً أخرى اتهامهن بأنهم قادمات من تعز وليس من عدن وغيرها من السرديات الممجوجة التي درج اعلام الإنتقالي على ترديدها ضد المخالفين.
حاولت قناة “عدن المستقلة” في بداية المظاهرة تجيير المظاهرة ونشر العاجل بأن المشاركات في ساحة العروض يفوضن المجلس الإنتقالي لكن القناة صمتت بعد ذلك امام مقاطع الفيديو التي امطر بها الذباب الإلكتروني المعاكس في وسائل التواصل الإجتماعي تكشف هتافات الساحة وبقوة ضد المجلس الإنتقالي.
احتلت المظاهرة النسوية اهتمام السوشيال ميديا بشكل كامل واهتمام وسائل الإعلام والقنوات المحلية بل وغرد رئيس الوزراء الجديد والوزير “نايف البكري” لصالح الفعالية ورموز آخرين وكتاب مشهورين.
مثل هذه الفعاليات الشعبية تنسف خطاب المجلس الإنتقالي وادعاءه احتكار الشارع والتمثيل له بل وتؤكد على فشله الإداري وتزيد من تثبيت صورته البشعة في اذهان الشارع العدني والجنوبي واليمني والإعلام الإقليمي والدولي الذي تفاعل مع المظاهرة.
مقاطع فيديوهات لتصريحات المشاركات في الفعالبة من وسط ساحة العروض بينهن نساء مسنات وقيادات مدنية سابقة وفنانات وناشطات مشهورات في الشارع العدني، وتعبيرهن عن حجم المعاناة بل وبكاء بعضهن بحرقة امام عدسات الكاميرا جميعها رسائل قوية ستبقى مؤثرة لفترة طويلة.
هذه المظاهرة الحاشدة لنساء عدن كسرت حاجز الخوف وفتحت الطريق لفعاليات اقوى في قادم الايام تتجاوز الخدمات إلى السياسة ، مع العلم هناك الكثير من الاسر منعن بناتهن من المشاركة بسبب توقعهن ان تتعرض الفعالية للقمع عبر سلطات الانتقالي الامنية والعسكرية.
ستكون هذه الفعالية ملهمة لفعاليات مشابهة في لحج وابين وحضرموت على وجه التحديد .
أمن عدن يشترط (الإذن المسبق) محاولة مكشوفة لمنع الفعاليات السلمية..
أعلنت إدارة الأمن بعدن عن توجه مكشوف لمنع الإحتجاجات السلمية وإن بطريقة طلب الإذن المسبق والترخيص.
هذا إجراء يساعد اجهرة الامن من خلال طلب الترخيص معرفة الجهة المنظمة للفعالية وقيادة المظاهرات ومن ثم ملاحقتهم والتضييق عليهم وإرهابهم قبيل تنفيذ الفعالية.
كما ان الإذن المسبق يقتضي ايضا بإمضاء تعهد كتابي من قبل طالبي الاذن أمام الأمن وتحميلهم مسئولية اي فوضى أو تخريب أو احداث أمنية قد يتم افتعالها أثناء المظاهرة أو الوقفة أو المهرجان وهذا أخطر مافي الإجراء الأمني الجديد.
هذه المؤامرة مبنية على موقف الأجهزة الامنية وسلطة الامر الواقع بعدن من الإحتجاجات السلمية المطلبية طيلة الفترة الماضية والذي هو المنع والقمع واي إجراءات جديدة وإن بدت ناعمة لكنها في نفس المسار لسلب المواطنيين حقهم في التعبير السلمي.
كما ان الترخيص الذي اقره أمن عدن سيكون مبرراً جديدا لمواجهة وقمع اي فعاليات شعبية قادمة بحجة انكم لم تستأذنوا..!
يرى مراقبون أنه أمام الازمات التي ينتجها الفشل الإداري للمجلس الإنتقالي في عدن لن تتوقف الإحتجاجات الشعبية ولن تستأذن الأمن، فعندما عبثوا بأبناء عدن في أزمات متوالية لم يستأذنونهم حسب تعبير صحفية عدنية وهي تعلق على بيان امن عدن الأخير
اللافت والمحزن معا أننا أمام أول حركة تحرر في التاريخ اسمها (المجلس الإنتقالي الجنوبي) هي في مواجهة مكشوفة مع الشارع الذي تدعي تمثيله وتزعم انها تستمد مشروعيتها منه وفي نفس الوقت تمارس عليه الفساد العام والعبث والحرمان ثم تقوم بقمعه والتضييق عليه عسكرياً وامنياً وبالإجراءات التي تحد من حريته.
مضى أسبوعين على المظاهرة ولا زالت عدن بنفس معاناتها وخصوصا الكهرباء رغم حديث الرئاسة و الحكومة ووعودهما بعمل شيء لكن الواقع يقول غير ذلك.