الجنوب اليمني: خاص
رغم كونها المحافظة الغنية بالثروات النفطية والمعدنية والسمكية، والتي تساهم بأكثر من 85% من عائدات الدولة، تقف حضرموت اليوم على حافة مجاعة حقيقية بسبب التدهور المتسارع في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. يشهد سكان المحافظة أزمة خانقة مع انهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار بشكل كبير، مما يجعل تأمين احتياجاتهم الأساسية شبه مستحيل في ظل غياب الحلول الفعّالة.
الارتفاع الكبير في الأسعار
شهدت حضرموت في الآونة الأخيرة زيادات حادة في أسعار المواد الغذائية والوقود والخدمات، مع ارتفاع تكلفة المعيشة بنسب تتجاوز قدرة المواطن العادي على تحملها. هذه الزيادات جاءت نتيجة مباشرة لانهيار قيمة الريال اليمني، الذي وصل سعر صرفه إلى أكثر من 2000 ريال للدولار الواحد، مما أفقد العملة المحلية أكثر من 200% من قيمتها مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب.
أسعار السلع الأساسية مثل الدقيق، السكر، والأرز ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة، وهو ما يجعل من الصعب على الكثير من الأسر تأمين احتياجاتها اليومية. كما تضاعفت تكلفة الوقود، مما أثر على أسعار النقل والمواصلات وأسعار المنتجات في الأسواق المحلية.
تدهور الأوضاع المعيشية
الأوضاع المعيشية في حضرموت تدهورت بشكل ملحوظ، حيث بات كثير من السكان غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والماء والكهرباء. وتشير التقارير المحلية إلى أن نسبة الفقر قد ارتفعت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، مع ازدياد أعداد الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي. الكثير من الناس يعتمدون على المساعدات الإنسانية، ولكنها ليست كافية لتلبية احتياجات الجميع، خاصة في ظل نقص التمويل وصعوبة وصول المساعدات بسبب الوضع الأمني غير المستقر.
انهيار العملة وتأثيرها على الاقتصاد المحلي
انهيار الريال اليمني يمثل أحد أبرز أسباب تفاقم الأزمة الاقتصادية في حضرموت. تعاني الأسواق المحلية من حالة ركود، حيث تراجعت القدرة الشرائية للسكان بشكل كبير، وأصبح التجار يعانون من صعوبة في توفير السلع المستوردة نتيجة ارتفاع تكاليف الاستيراد وانخفاض القيمة الشرائية للعملة المحلية. هذه الحالة تؤدي إلى شلل في الأنشطة التجارية، مما يزيد من معدلات البطالة ويعزز دائرة الفقر.
مظاهر الأزمة في الأرياف والمدن
الأزمة لم تقتصر على المدن الكبيرة مثل المكلا وسيئون، بل امتدت لتشمل الأرياف والقرى، حيث يعاني السكان من نقص حاد في المواد الغذائية والخدمات الأساسية. في بعض المناطق الريفية، باتت المجاعة تلوح في الأفق مع زيادة الاعتماد على الوجبات اليومية البسيطة التي تفتقر إلى العناصر الغذائية الأساسية. كما أن انقطاع الكهرباء المتكرر وتدهور خدمات المياه زادا من معاناة الناس، خاصة في المناطق النائية.
دعوات للتحرك العاجل
في ظل هذه الظروف، يُطالب السكان السلطات المحلية والحكومة اليمنية، وكذلك المجتمع الدولي، بالتحرك العاجل لتقديم الدعم اللازم لمحافظة حضرموت. يأتي هذا من خلال دعم العملة المحلية، وتأمين إمدادات الغذاء، وتحسين الخدمات الأساسية. كما تُطالب المنظمات الإنسانية بزيادة المساعدات الغذائية والدوائية وتوسيع نطاق عملياتها للوصول إلى المناطق المتضررة.
حضرموت، التي تعد القلب الاقتصادي لليمن بفضل ثرواتها الهائلة، تواجه كارثة إنسانية تلوح في الأفق نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية وانهيار العملة المحلية. مع استمرار ارتفاع الأسعار وانعدام القدرة الشرائية، تزداد معاناة المواطنين يوماً بعد يوم، في مفارقة واضحة بين ثراء الموارد الطبيعية وشدة الفقر الذي يعيشه السكان. يتطلب الوضع تحركاً عاجلاً من الحكومة الشرعية والتحالف العربي والجهات الدولية الاخرى لدعم العملة المحلية، وتأمين الإمدادات الغذائية وتحسين الخدمات الأساسية، لتفادي وقوع كارثة إنسانية محتملة وإنقاذ حضرموت من المجاعة الوشيكة.