الجنوب اليمني: خاص
تكشف التحركات الأخيرة للسفارة الأمريكية في اليمن عن اهتمام متزايد بتطورات الأوضاع في محافظة حضرموت، والتي تُعد واحدة من أهم المناطق النفطية في البلاد. وبرز هذا الاهتمام من خلال سلسلة لقاءات مع المسؤولين المحليين والقبائل التي تقود احتجاجات متصاعدة ضد الحكومة اليمنية بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
حيث عُقد اجتماع مؤخراً بين السفير الأمريكي في اليمن، ستيفن فاجن، ومحافظ حضرموت، مبخوت بن ماضي، لمناقشة “الأوضاع المقلقة” في المحافظة. وذكرت السفارة في منشور على منصة “إكس” (تويتر سابقاً) أن اللقاء تضمن بحث سبل تعزيز مؤسسات الدولة على المستويين المحلي والوطني، وسط تصاعد التوترات بين القبائل والحكومة.
التحركات الأمريكية في سياق الأزمة
الاجتماع الأخير لم يكن التحرك الأول للسفارة الأمريكية، فقد سبقته لقاءات أخرى، منها اجتماع المستشار العسكري بالسفارة مع رئيس حلف قبائل حضرموت، الشيخ عمرو بن حبريش، الذي يقود الحراك القبلي ضد الحكومة. يعكس هذا التواصل المكثف رغبة أمريكية في لعب دور في إدارة الأزمة المحلية المتفاقمة، والتي تتزامن مع تزايد المطالب بتحسين الظروف الاقتصادية وتقديم الخدمات الأساسية لأبناء المحافظة.
ويرى مراقبون أن التدخلات الأمريكية في الصراع الدائر قد تزيد من تعقيد الموقف، إذ يخشى أن تتحول حضرموت إلى بؤرة نزاع دولي، خاصة مع استمرار التصعيد القبلي ضد الحكومة اليمنية. يشير المراقبون إلى أن التحركات الأمريكية قد تكون خطوة باتجاه تدويل الأزمة، بما يمنح واشنطن تأثيراً مباشراً على التطورات في أهم المحافظات النفطية باليمن.
خلفية التصعيد القبلي
تشهد محافظة حضرموت منذ أكثر من شهرين احتجاجات قبلية متصاعدة على خلفية الانهيار الاقتصادي وتدهور الأوضاع المعيشية. ففي التاسع من أغسطس، أعلن حلف قبائل حضرموت السيطرة على خمسة قطاعات نفطية رئيسية في المحافظة ومنع التصرف فيها، وذلك في خطوة للضغط على الحكومة لتحقيق مطالب أبناء حضرموت بتحسين الخدمات.
ورغم إعلان الحلف لاحقاً عن السماح بشاحنات الوقود المخصصة لمحطات الكهرباء والمياه بالمرور تحت إشراف لجنة محلية لضمان وصولها، فإن الأوضاع في المحافظة لم تستقر، وما زالت التوترات قائمة مع استمرار القبائل في التمسك بمطالبها.
دلالات التدخلات الأمريكية
إن تزايد التحركات الأمريكية في حضرموت يعكس رغبة واشنطن في تعزيز نفوذها بالمنطقة، وهو ما يمكن تفسيره باعتباره محاولة لضمان السيطرة على الموارد النفطية الاستراتيجية، وسط المخاوف من اتساع رقعة الصراع. وقد تمثل الأوضاع في حضرموت اختباراً حقيقياً للسياسات الأمريكية في اليمن، خصوصاً إذا ما تصاعدت المواجهات بين القبائل والقوات الحكومية.
يرى البعض أن التدخل الأمريكي في حضرموت لا يمكن فصله عن سياق أوسع يتعلق بالمصالح الاقتصادية والاستراتيجية لواشنطن في المنطقة، إذ لطالما كانت محافظة حضرموت هدفاً لاهتمام القوى الدولية بالنظر إلى ثرواتها النفطية. في ظل ذلك، يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تسعى فعلاً للوساطة بين الأطراف، أم أنها تستغل الظروف لتعزيز نفوذها في المحافظة الحيوية.
مستقبل الصراع في حضرموت
يظل الوضع في حضرموت مرشحاً لمزيد من التصعيد، خاصة مع استمرار القبائل في معارضة سياسات الحكومة والمطالبة بحقوقها، في حين تبقى التدخلات الخارجية، وعلى رأسها الأمريكية، عاملاً رئيسياً قد يؤدي إلى تغيرات في مسار الأزمة.