الجنوب اليمني: خاص
تشهد محافظة أرخبيل سقطرى اليمنية، تحولات كبيرة في الآونة الأخيرة تمثلت في ظهور شبه دولة إماراتية مكتملة الأركان. تبدو هذه التحولات كجزء من استراتيجية أوسع للسيطرة على الجزيرة، وتحويلها إلى جزء فعلي من دولة الإمارات العربية المتحدة، مستغلةً الفراغ السياسي والأمني في اليمن منذ اندلاع الحرب.
سيطرة إماراتية على المؤسسات الحيوية:
منذ الانقلاب على الشرعية اليمنية في سقطرى، بدأت الإمارات في تعزيز وجودها العسكري والاقتصادي، عبر استبدال المؤسسات العسكرية والمدنية اليمنية بأخرى إماراتية. هذه التحركات تتضح من خلال مجموعة من المؤشرات الواضحة التي تشي بالسيطرة الإماراتية على كافة مناحي الحياة في الأرخبيل.
أبرز مظاهر النفوذ الإماراتي في سقطرى:
الاتصالات والشبكات: أطلقت الإمارات شبكة اتصالات خاصة بها تغطي كافة أرجاء سقطرى، ما يجعل التواصل في الجزيرة تحت سيطرتها الكاملة.
المشتقات النفطية: أصبحت المشتقات النفطية في سقطرى تستورد بشكل حصري من الإمارات، ما يربط الاقتصاد المحلي بالإمدادات الإماراتية.
القطاع الصحي: اصبح سكان سقطرى مضطرين للتعامل مع الخدمات الصحية التي توفرها الإمارات، مع وجود مستشفيات ومراكز طبية تمول وتدار إماراتياً بينما المراكز الصحية التابعة للحكومة اليمنية تتعرض للإهمال والاغلاق بشكل متعتمد من قبل ميليشا الامارات.
التعليم: لم يتوقف الأمر عند الصحة، بل امتد ليشمل التعليم، حيث أصبح العديد من المدرسين تابعين للإمارات، بالإضافة إلى وجود جامعات ومعاهد خاصة تم تأسيسها بتمويل إماراتي.
الطاقة والكهرباء: شبكة الكهرباء في سقطرى أصبحت بالكامل تحت السيطرة الإماراتية، ما يعزز من اعتماد السكان على الإمارات في تلبية احتياجاتهم اليومية من الطاقة.
المطارات والموانئ: تمتلك الإمارات النصيب الأكبر من إدارة مطار سقطرى ومينائها الرئيسي، مما يتيح لها السيطرة الكاملة على حركة النقل والبضائع إلى الجزيرة ومنها.
المؤسسات الأمنية والعسكرية: تمت هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية في سقطرى لتكون تحت القيادة الإماراتية، مع صرف مرتبات للعسكريين والأمنيين من قِبل الإمارات، ما يكرس النفوذ الإماراتي في هذا الجانب الحيوي.
السياحة: تحظى الإمارات بالنصيب الأكبر من القطاع السياحي في سقطرى، إذ تستقبل الجزيرة عدداً متزايداً من السياح القادمين عبر شركات سياحة إماراتية.
النظام المالي والمصارف: تعمل في سقطرى مصارف إماراتية مستقلة عن النظام المصرفي اليمني، وهو ما يسهم في ترسيخ الوجود الإماراتي اقتصاديًا.
استبدال العملة اليمنية بالدرهم الإماراتي: من التحركات اللافتة للنظر هو استنزاف السيولة اليمنية من سقطرى واستبدالها بالدرهم الإماراتي، مما يؤدي إلى تغيير الهوية النقدية للجزيرة بشكل تدريجي. يُعتقد أن الإمارات تقوم بتخزين العملة اليمنية في حاويات خاصة بها، في خطوة تهدف إلى إحكام السيطرة على الاقتصاد المحلي.
ختاما تشير هذه التحركات إلى أن الإمارات تعمل على ترسيخ وجودها في سقطرى بشكل يقترب من ضمها إلى أراضيها. وبينما تواجه اليمن تحديات كبيرة في الحفاظ على وحدتها وسيادتها، تظل سقطرى نموذجًا حيًا للتحولات الجيوسياسية في المنطقة وتأثير القوى الخارجية عليها.