الجنوب اليمني | خاص
في مشهدٍ يتكرر كل صباح، يقف عددٌ من الإعلاميين على أبواب المؤسسات الحكومية والتجارية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية والتحالف السعودي الإماراتي، ينتظرون أيَّ دعمٍ ماليّ قد يُقدمه المسؤولون لهم.
هذه الصورة تُلخص واقعًا مُرًّا يعيشه الكثير من العاملين في قطاع الإعلام المحلي، حيث يجدون أنفسهم عالقين بين الحاجة المادية وضرورة الحفاظ على استقلاليتهم.
ففي حين يُفترض أن يكون الإعلاميون صوتَ المواطن وقلمه الحر، ينشغل بعضهم بالسعي وراء الدعم المالي لتغطية نفقاتهم، ما يثير تساؤلاتٍ حول مدى قدرتهم على نقل الحقيقة بحيادية وموضوعية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بتغطية أخبار الجهات التي تُقدّم لهم الدعم.
يُفترض أن تُسلّط هذه الأقلام الضوء على قضايا المواطنين المُلحة، كمشاكل الكهرباء وتردّي الخدمات العامة، بالإضافة إلى معاناتهم مع البنية التحتية المتدهورة.
لكن ضعف الموارد المالية ونقص التمويل يدفع بالكثير منهم إلى انتظار “فتات” المسؤولين، الأمر الذي يُقيّد حريتهم ويُؤثّر على مصداقيتهم.
وفي ظل غياب مصادر تمويل مستقلة تضمن استقلالية الإعلاميين، تُصبح مهنة المتاعب رهينةً لأصحاب النفوذ، ما يفتح الباب أمام التساؤلات حول مدى تأثير هذا الدعم على قدرتهم على مُمارسة النقد وتناول القضايا الحساسة التي تهمّ المجتمع.
تُلقي هذه الظاهرة بظلالها على صورة الإعلام المحلي ومصداقيته، فبدلًا من أن يكون منبرًا حرًّا لنقل آراء وتطلعات الناس، قد يُصبح أداةً بيد المسؤولين، يُستخدم لتغطية الأحداث من زوايا مُحددة تخدم مصالحهم، ما يحجب عن المواطنين الصورة الكاملة للحقائق.
ولمواجهة هذه المُعضلة، تبرز الحاجة المُلحة إلى إيجاد آليات دعم أكثر استقلالية للإعلاميين في المحافظة، سواءً من خلال مؤسسات إعلامية قادرة على توفير بيئة عمل آمنة وشفافة، أو من خلال دعم منظمات المجتمع المدني التي تُؤمن بحرية الإعلام وحق المواطن في الحصول على معلومات دقيقة ومستقلة.