السباحة فيه تعادل حجامة سنة.. “الجنوب اليمني” يواكب مهرجان البلدة السياحي في المكلا

27 يوليو 2025آخر تحديث :
السباحة فيه تعادل حجامة سنة.. “الجنوب اليمني” يواكب مهرجان البلدة السياحي في المكلا

الجنوب اليمني | خاص

عبارة لرجل كبير في السن قالها لـ “الجنوب اليمني” وأنهم سمعوها من الأجداد يتناقلونها عمن سبق: واضاف قال لي جدي رحمه الله يوماً أن السباحة في البلدة تغنيك عن الحجامة لمدة سنة..

برودة مياه بحر العرب هدية السماء وسط الصيف الحارق
مع دخول فصل الصيف تصبح موجات الحر الشديدة كابوساً يؤرق حياة اليمنيين في المناطق الساحلية إلا أن مدينة المكلا المركز الإداري لمحافظة حضرموت الساحلية على بحر العرب، تشهد ظاهرة فريدة تجعلها وجهة سياحية استثنائية تجذب إليها آلاف الوافدين للاستمتاع بـ”برودة البحر”..

هذه الظاهرة ناتجة عن حلول “نجم البلدة” وهو أحد النجوم الفلكية منتصف تموز_يوليو من كل عام حيث يستبشر سكان المناطق الساحلية على بحر العرب بحلوله نظراً لتحسن الأجواء فيه وبرودة مياه البحر..

و”نجم البلدة” يبدأ من 15 تموز_يوليو وحتى 27 من الشهر نفسه وعدد أيامه 13 يوماً وهو النجم الثاني من نجوم موسم الأمطار في فصل الخريف..

ومنذ بدء موسم “البلدة” تشهد مدينة المكلا تدفق آلاف المواطنين من سكان حضرموت ومحافظات مجاورة إلى شواطئها للاستمتاع بأجوائها الساحرة، وممارسة العديد من الأنشطة من بينها ” السباحة في ماء البحر” الذي يكون بارداً رغم أجواء المدينة الحارة.

برودة الماء وإنعاش الحياة البحرية
وفي السياق يرى الباحث في الهيئة العامة لأبحاث علوم البحار والأحياء المائية في حضرموت “أحمد البهيشي” إن السر وراء برودة مياه البحر في هذا الموسم يعود إلى ظاهرة علمية تعرف باسم “الانبثاق القاعي” أو “التيارات الصاعدة” (Upwelling) حيث تُدفع المياه السطحية الدافئة بعيداً عن الشاطئ بفعل الرياح الجنوبية الغربية النشطة والتي يُطلق عليها في بعض المناطق اسم “الشمال أو الكوس”.

مضيفاً أن دوران الأرض (تأثير كوريوليس) في النصف الشمالي من الكرة الأرضية (بما فيه اليمن) تنحرف الرياح والتيارات المائية إلى اليمين، مما يدفع المياه السطحية بعيداً عن الشاطئ.

وتابع البهيشي في حديثه لـ “الجنوب اليمني” بأنه يتدخل ما يُعرف في علم المحيطات بتأثير “إكمان” (Ekman transport)عندما تهب الرياح على سطح البحر، لا تتحرك المياه في نفس اتجاه الرياح تماماً ، بل تنحرف بزاوية (45درجة) في الطبقة السطحية بسبب تأثير كوريوليس ، ومع زيادة العمق، تستمر المياه في الانحراف بشكل حلزوني (سبيرال إيكمان) حتى تتحرك في النهاية بزاوية عمودية على اتجاه الرياح(90 درجة).

وأشار الباحث اليمني في الشؤون البحرية “رغم الطابع الشعبي و الاحتفالي الذي يغلب على موسم البلدة في حضرموت مؤخراً وما يرافقه من تغطيات إعلامية وتقاليد تراثية، إلا أن “الظاهرة في جوهرها عَلمية بحتة، ولها آثار بيئية واقتصادية لا يُستهان بها”.

وقال :”فخلال هذا الموسم تنخفض درجة حرارة المياه الساحلية إلى ما بين 17 و21 درجة مئوية، مقارنة بدرجات حرارة تتجاوز 27 إلى 30 درجة في بقية أشهر السنة..وكلما كانت الرياح أقوى وأكثر انتظاماً كانت البرودة أكثر وضوحاً وامتداداً زمنياً..

وأكد الباحث البهيشي على أن هذا التغير لا يحمل في طياته “برودة ماء البحر” فقط، بل يُنعش الحياة البحرية، موضحاً أن المياه الباردة الصاعدة من الأعماق تكون غنية بالمواد المغذية، ما يؤدي إلى ازدهار العوالق النباتية (الفيتوبلانكتون) التي تُعتبر الأساس الأول للسلسلة الغذائية البحرية، ونتيجة لذلك تنتعش مواسم الصيد وتزداد وفرة الأسماك.

إقبال كبير وحركة قياسية..
من جانبه قال “سالم شاكر” أحد مدير الأنشطة والمبادرات الشبابية خلال مهرجان “البلدة” بالمكلا إن الأجواء في موسم البلدة  كل عام “فريدة وممتعة” حيث تزداد برودة ماء البحر على امتداد سواحل حضرموت على بحر العرب وبالأخص مدينة المكلا.

وأضاف شاكر  أن هذه الحالة السنوية تستجذب إليها الناس من حضرموت بينما يتوافد إلى المحافظة وخصوصاً مدينة المكلا آلاف الزوار من المحافظات اليمنية الأخرى للاستمتاع والسباحة في مياه البحر الباردة والاستمتاع باعتدال الأجواء في صيف قائظ شديد الحرارة في المحافظات الساحلية الأخرى.

كما تجذب هذه الأجواء في المكلا الناس من دول أخرى للاستجمام بمياه البحر في هذا الموسم نظراً للفوائد الصحية من ذلك وفق المتحدث ذاته.

وبحسب الناشط اليمني فإن هذه الأجواء المناخية تصاحبها أجواء بهيجة وفرائحية وتتحول مدينة المكلا إلى واجهة سياحية استثنائية بعدما تبنت السلطات المحلية في المحافظة الاهتمام بهذا الموسم.

وقال إن شواطئ المكلا تصبح في هذا الموسم مسرحاً كبيراً لأنشطة وفعاليات متنوعة تجمع بين الرياضة والمسرح والفن الغنائي.

كما أشار الناشط الشبابي في مهرجان البلدة بالمكلا إلى أن مدينة المكلا تشهد خلال الموسم أيضاً نشاطاً تجارياً نظراً لحجم الوافدين إليها من المديريات في الداخل الحضرمي أو من المحافظات الأخرى إذ تسجل الأسواق المحلية حركة قياسية فضلاً عن النشاط الفندقي خلال أيام الموسم.

وبحسب المتحدث ذاته فإن الإقبال هذا العام كبير جداً مقارنة بالأعوام الماضية، حيث تستهوي هذه الأجواء في مدينة المكلا أفئدة الناس للقدوم إليها رغم المنغصات الناتجة عن تدهور بعض الخدمات مثل الكهرباء والماء إلا أن حالة الترحاب من قبل سكان المكلا ربما تمنح القادمين إليها متعة الفرجة وتسد أي جوانب نقص أخرى.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق